تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قام العالم (مينوكوفسكي) بتقطيع بنكرياس لقطْعِ وأخْذِ قطاعٍ منها؛ وزرعها تحت جلد الكلب الذي انتزع منه غدة البنكرياس، فوجدها تعيش بصورة عادية، ولم تظهر عليه أعراض السكر، كما وجد أنَّ عصارة البنكرياس التي تفرز في الجهاز الهضمي لا تؤثر على نسبة السكر في الدم، فاكتشف بِهذا أنَّ البنكرياس يفرز موادَّ أخرى مباشرة بالدَّم؛ وبهذا اكتشف هرمون الأنسولين.

وقام العالم (لانجرهانز) عام 1893 بوضع شرائح من البنكرياس تحت الميكروسكوب، فلاحظ نوعَيْن من الخلايا، أحدُهما أشبه بعناقيد العِنَب، وبها جزر أطلق عليها "جزيرات لانجرهانز"، ووجد أنَّها تفرز موادَّ لها أهمِّيَّتها بالنِّسبة للسكر في الدم، وعندما فحص غددَ بنكرياس موتى كانوا مصابين بالسكر، وجد أنَّ بعضَها غير طبيعي، وهذا ما أكَّد أنَّ البنكرياس يقوم بوظيفتين، هُما: إفراز عصارات هاضمة بالأمعاء الصغرى، وهرمون الأنسولين بالدم؛ للقيام باستِغْلال السُّكَّر به.

وقام العالم (باتنج) عام 1921 باستِخْلاص الأنسولين من بِنْكرياس الكلاب، حيث قام بتقطيعها وخلْطِها بالرماد والماء الملح، ثم رشَّح الخليط، وأخذ المحلول، وحقن به كلابًا استؤصل بنكرياساتها، فلاحظ أنَّ معدَّل السكر بدمها قد انْخفض ولم يصبح البول سكَّريًّا، الْتَأَمت جروحها، واستعادت عافِيَتها، وعاشت مددًا أطْول مما يتوقَّع؛ وبهذا أمكن تَحضير سائل الأنسولين، ولا سيما من بنكرياسات الأبْقار والخنازير؛ ليصبح منقِذًا لحياة ملايين البشر في العالم، ويعتبر حاليًّا خطَّ الدِّفاع الأوَّل والأخير ضدَّ مرض السُّكَّر.

فالبنكرياس عبارةٌ عن غدَّة رماديَّة اللَّون، ويقع في شمال التَّجويف البطني، ويزن 60 جرامًا، وطوله 12 - 15 سم، ويفرز الأنسولين الذي ينظِّم كميَّة سكَّر الجلوكوز بالدَّم؛ لتحْوِيله لطاقة داخلَ الخلايا بالأنسجة والعضلات، ويُوجد بِجسم الإنسان حوالي 2 ملعقة صغيرة من الأنسولين، وتظلُّ هذه النسبة ثابتةً، فلو قلَّت إلى نصف ملعقة أو تضاعفت إلى 4 ملاعق صغيرة، يصاب الشخص بغيبوبة ويتعرَّض للموت.

آلية الأنسولين:

تفرز خلايا (بيتا) بالبنكرياس الأنسولين، وتعريفنا لمرض السكر نَجده: هو ارتفاع دائم للسكر في الدَّم، ودرجة ارتِفاعه ترتبِطُ مُباشرةً بقُصورٍ في إفْراز الأنسولين من البِنْكرياس، أو القصور في فاعليَّته، وعندما يصِلُ هذا القصور إلى حدٍّ شديدٍ وحرِج، فإنَّ ثمَّة أعراضًا تظهر، ومن بينها كثرة التبوُّل ولا سيَّما باللَّيل، والعطش الشَّديد مع فقدان في الوزن، والشعور بالإعياء مع بقاء الشهيَّة للطَّعام، ولو كان القصور في إفراز الأنسولين متوسطًا، فإنَّ هذه الأعراض قد لا تظهر.

وإذا زاد معدَّل السكر بالدم لدى الشخص العادي، قبل خلايا (بيتا) التي تفرز الأنسولين - تزيد من كمياته لاستِهْلاك السكر، وعندما يستهلك ويهبط معدَّله بالدَّم، تتوقَّف خلايا (بيتا) عن الإفراز، وإذا زادتْ كميَّة الأنسولين عن الحاجة، فهذا معناه استِهْلاك كميات كبيرة من السكر بالدم، فيجوع المخ والأعصاب التي تتغذى خلاياهما عليه ويتعرَّضان للتلف.

والمريض قد يتعرَّض لغيبوبة نقْص سكر حادٍّ تُفْضِي إلى موْتِه، وعندما يكون تركيز الأنسولين منخفضًا بسبب عدم كفاءة البِنْكرياس، أو أنَّ تركيزه عالٍ، ولا يقوى على استِهْلاك السُّكَّر، فيرتفع معدَّل سكر الجلوكوز بالدَّم، فيقوم برفْع قُدْرَة الدَّم على اجْتِذاب الماء من الأنسجة لتخفيفِه، وعلى الكلى إفراز الماء والسكر أوَّلاً بأوَّل، وهذا قد يعرِّض المريض إلى غيبوبة قد تفضي إلى موته.

وامتِصاص خلايا الجسم للجلوكوز ليس مهِمَّة سهْلة كما تبدو؛ لأنَّه يعتمِدُ على جزئيَّات ناقلة تنقله من الدَّم لداخل أغشِيَتها لإمدادها بالطاقة؛ ولهذا يقوم الأنسولين بِهذه العمليَّة الحيويَّة، وهذه النَّاقلات للجلوكوز تُوجَد في خلايا الدَّم الحمراء، ويقوم الأنسولين بتحريكها تِجاه أغشية الخلايا، فعندما ينخفِضُ معدَّل الأنسولين، أو معدَّل الجلوكوز بالدم، فهذه الناقلات تغيّر اتجاهها بالدم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير