والرواية الثالثة: انه الجهاد فإنه قال لا اعدل بالجهاد شيئا من ذا يطيقه ولا ريب ان اكثر الاحاديث في الصلاة والجهاد وأما مالك فقال ابن القاسم سمعت مالكا يقول ان اقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على امة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك قال مالك وكتب ابو موسى الاشعري الى عمر بن الخطاب انه قرا القرآن عندنا عددكذا وكذا فكتب اليه عمر ان افرض لهم من بيت المال فلما كان في العام لثاني كتب اليه انه قد قرا القرآن عندنا عدد كثير لأكثر من ذلك فكتب اليه عمر ان امحهم من الديوان فاني اخاف من ان يسرع الناس في القرآن ان يتفقهوا في الدين فيتأولوه على غير تأويله وقال ابن وهب كنت بين يدي مالك بن انس فوضعت الواحي وقمت الى الصلاة فقال ما الذي قمت اليه بأفضل من الذي تركته.
قال شيخنا _ يعني ابن تيمية رحمه الله _: وهذه الامور الثلاثة التي فضل كل واحد من الائمة بعضها وهي الصلاة والعلم والجهاد هي التي قال فيها عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " لولا ثلاث في الدنيا لما احببت البقاء فيها لولا ان احمل او اجهز جيشا في سبيل الله ولولا مكابدة هذا الليل ولولا مجالسة اقوام ينتقون اطايب الكلام كما ينتقى اطايب التمر لما احببت البقاء " فالاول الجهاد والثاني قيام الليل والثالث مذاكرة العلم فاجتمعت في الصحابة بكمالهم وتفرقت فيمن بعدهم)
وقال الشيخ محمد العثيمين _ رحمه الله _: (ولهذا اختلف العلماء -رحمهم الله- أيهم أفضل: طلب العلم أو الجهاد في سبيل الله؟
والتحقيق في هذه المسألة أن الحكم يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فقد نقول لشخصٍ ما طلب العلم في حقك أفضل، ولشخص آخر الجهاد في سبيل الله في حقك أفضل.
فإذا رأينا رجلا قوي الحفظ قوي الفهم سريع البديهة نشيطا في الطلب وهو في الجهاد دون ذلك، فإننا نقول له: طلب العلم في حقك أفضل، وإذا رأينا شخصا بالعكس.
أقول إن العلماء -رحمهم الله- اختلفوا أيهما أفضل طلب العلم أو الجهاد في سبيل الله، والتحقيق في هذه المسألة التفصيل، فقد نقول لشخص ما: إن طلب العلم في حقك أفضل، وقد نقول لآخر: إن الجهاد في سبيل الله في حقك أفضل، وذكرنا من يكون طلب العلم في حقه أفضل.
وأما من كان الجهاد في حقه أفضل فهو الرجل البليد في الفهم السيئ في الحفظ القوي في الجسم المقدام في الحرب، فهذا نقول له: إن الجهاد في سبيل الله في حقك أفضل.
وكذلك -أيضا- يختلف هذا باختلاف الأحوال، فقد يكون المسلمون في حاجة إلى الدفاع عن بلدهم وأنفسهم ودينهم، فيكون الجهاد في حقهم أفضل، وقد يكون الناس في رخاء وأمن وطمأنينة وما أشبه ذلك، فيكون طلب العلم في حقهم أفضل)
والخلاصة أن من العلم ما هو واجب عيني ومنه ما هو واجب كفائي ومن الجهاد ما هو واجب عيني وماهو واجب كفائي والموازنة تكون بين هذه الأقسام والله أعلم.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[05 - 03 - 07, 04:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فحتى لا يهضم حق العلم وتحريرا للمسألة أنقل ما ذكره ابن القيم رحمه الله حول هذه المسالة:
قال ابن القيم رحمه الله في معرض ذكره لفضل العلم في مفتاح دار السعادة (1/ 119):
(الوجه الثامن والمائة ان كثيرا من الائمة صرحوا بأن افضل الاعمال بعد الفرائض طلب العلم فقال الشافعي ليس شيء بعد الفرائض افضل من طلب العلم وهذا الذي ذكر اصحابه عنه انه مذهبه وكذلك قال سفيان الثوري وحكاه الحنفية عن ابي حنيفة واما الامام احمد فحكى عنه ثلاث روايات:
احداهن انه العلم فإنه قيل له أي شيء احب اليك اجلس بالليل انسخ او اصلي تطوعا قال نسخك تعلم به امور دينك فهو احب الي وذكر الخلال عنه في كتاب العلم نصوصا كثيرة في تفضيل العلم ومن كلامه فيه الناس الى العلم احوج منهم الى الطعام والشراب وقد تقدم الرواية الثانية: ان افضل الاعمال بعدالفرائض صلاة التطوع واحتج لهذه الرواية بقوله صلى الله عليه وسلم واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة وبقوله في حديث ابي ذر وقد سأله عن الصلاة فقال خيرموضوع وبأنه اوصى من سأله موافقته في الجنة بكثرة السجود وهو الصلاة وكذلك قوله في الحديث الاخر عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة وبالاحاديث الدالة على
¥