وهدف الأنبياء والرسل جميعاً واحد وهو توحيد الله بعبادته، وبنسخ بعضهم شرائع بعض، فهذا عيسى عليه السلام ينسخ بعضاً من شريعة موسى عليه السلام وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [آل عمران:50]. حتى جاء خاتمهم وهو نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وارتضى الله لنا شريعته الخاتمة التي جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف، قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران:19] وقال أيضاً: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]، وقال صلى الله عليه وسلم: {والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار} [صحيح مسلم].
ويجب علينا أن نؤمن بهم جميعاً ونحبهم جميعاً، كما قال تعالى: وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ [البقرة:285]، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: {الأنبياء أخوة .. ودينهم واحد} [صحيح البخاري]. ولكنهم يتفاضلون تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [البقرة:253] وأفضلهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
الأنبياء: جمع (نبي) بمعنى (منبأ) بخبر ما وهو الوحي والشرع، وتقرأ أيضاً (نبيء).
الرسل: جمع (رسول) بمعنى (مرسل) أي (مبعوث) بإبلاغ شيء وهي البعثة بالرسالة.
وكلا الصنفين بشراً أوحيَ إليهم بشرع، فالأنبياء أوحى إليهم بشريعة لرسل قبلهم لتجديدها وتثبيتها، ولم يؤمروا بتبليغ رسالة خاصة بهم، وإنما الرسل أمروا بالتبليغ وبعثوا برسالة إلى أقوامهم خاصة بخلاف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث برسالة وأمر بتبليغها للناس كافة، بل للثقلين الجن والإنس جميعاً، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: {كان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة} [صحيح البخاري].
فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول.
وأول الأنبياء آدم عليه السلام، وأول الرسل نوح عليه السلام. ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه من حديث الشفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الناس يأتون إلى آدم ليشفع لهم فيعتذر اليهم ويقول: {ائتوا نوحاً أول رسول بعثه الله} وذكر تمام الحديث.
ولم تخل لأمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبي يوحى إليه بشريعة من قبله ليجدرها ويبثها، قال تعالى: وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر:24].
والأنبياء والرسل صلى الله وسلم عليهم جميعاً هم بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، فلا يملكون لنا أو لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، قال تعالى: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188].
وتلحقهم خصائص البشرية من المرض، والموت، والحاجة إلى الطعام والشراب، وغير ذلك. قال الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام في وصفه لربه تعالى: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ [الشعراء:79 - 81].
وقال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: {إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني} [صحيح البخاري].
وقد وصفهم الله سبحانه بالعبودية له في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثناء عليهم، فقال الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان:1].
ومن خصائص الأنبياء والرسل:
أن لكل نبي دعوة مستجابة، قال صلى الله عليه وسلم: {لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أخبئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة} [رواه البخاري].
هم أشد الناس بلاء، سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟ قال: {الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل} [رواه الترمذي].
صبرهم الشديد على ذلك البلاء.
رؤياهم حق، قال تعالى: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصافات:102].
يوفون بالوعد والعهد، ولا يغدرون.
¥