تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المتكبِّر متَّبع لهواه، ينظر إلى نفسه بعينِ الكمال وإلى غيره بعينِ النّقص، مطبوعٌ على قلبِه: لا يقبَل ما لا يَهوى, ((كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ)) [غافر:35]. واللهُ تعالى يبغضه, ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) [لقمان:18].

5 ــ عدم الاعتبار والاتعاظ:

المتَّصف بالكبر مصروفٌ عن الاعتبارِ والاتّعاظ بالعبر والآيات، ((سَأَصْرف عن آياتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ)) [الأعراف:146]. والمستكبِر عن الحقّ يبتَلى بالانقياد للباطل، وقد تعجَّل له العقوبة في الدنيا, فقد شُلَّت يَدُ رجلٍ في عهدِ النبوة بسبَب الكبر كما سبق الحديث عنه.

وقد خسفتِ الأرض بمتكبِّر, وقد سبق الحديث أيضاً، وفي الآخرة يعامَل بنقيض قصده, فمن ترفَّع عن النّاس في الدّنيا يطؤه النّاس بأقدامِهم في الآخرة، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((يحشَر الجبّارون والمتكبِّرون يومَ القيامة في صوَر الذرِّ يطؤهم النّاس بأرجلهم)) رواه الترمذي، قال في نوادر الأصول: "كلّ من كان أشدَّ تكبّرًا كان أقصرَ قامّةً في الآخرة، وعلى هذا السبيل كلّ من كان أشدَّ تواضعًا لله فهو أشرَف قامَةً على الخلق".

6 ــ الظن بالنفس أنها خير من غيرها:

فيكون الكبر مستقرًا في قلبه, فهو يرى نفسه خيرًا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع, فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة إلا أنه قد قطع أغصانها, فهو يرى في نفسه أنه خير من غيره, يرى نفسه أعلى من الناس, يجد هذا الشيء في قلبه, ولكنه لا يتلفظ بموجب هذه الخصلة الذميمة, لا يتحول هذا الشيء الذي في قلبه إلى فعل, إلى قول, وإنما يكتم هذا ويظهر عكس هذا الموجب, يظهر التواضع وخفض الجناح للمؤمنين, فهذا إن كانت شجرة الكبر في قلبه إلا أن أغصان هذه الشجرة لا تنمو فقد قطعها. وأنصح في هذا المقام القراءة في كتاب (تلبيس إبليس)، ففيه الحديث عن أمثال هؤلاء الشيء الكثير.

7 ــ الترفع في المجالس والتقدم على الأقران:

يظهر ذلك بأفعال كثير من طلبة العلم اليوم الترفع في المجالس والتقدم على الأقران, والإنكار إذا قصر أحد في حقهم, فترى بعضهم يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم, وكذلك الجاهل يعيش دون الناس كأنه مستقذر لهم, وهذان قد جهلا ما أدب الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم, إذ كان هو على رأس العلماء والعباد والزهاد ماذا قال الله تعالى له؟ قال الله عز وجل له: ((واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)).

8 ــ تزكية النفس والدعاوى الفارغة والحكاية عن نفسه:

يظهر الكبر بلسان كثير من الطلبة غالباً، كالدعاوى الفارغة والمفاخرة وتزكية النفس على الغير , وحكايات الأفعال في معرض المفاخرة بغيره , وكذلك التكبر بالحسب والنسب, فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك, وإن كان أرفع منه عملاً, وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) رواه مسلم برقم (2699)، قال ابن عباس رض الله عنهما: يقول الرجل للرجل: أنا أكرم منك, أي أنا أكرم منك حسبًا, أو أكرم منك أبًا, وليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى, قال تعالى: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)).

وهذا من أسباب الكبر أن يتكبر الإنسان بوجاهته وحسبه ونسبه, أو أن يتكبر بالمال أو أن يتكبر بالجمال, أو أن يتكبر بالقوة وكثرة الأتباع, ونحو ذلك, فالكبر بالمال أكثر ما يجري بين التجار والأغنياء والرؤساء, والكبر بالجمال أكثر ما يجري بين النساء ولذلك تراهن يغتبن غيرهن ويتنقصن من جمال غيرهن, وكذلك الكبر بالقوة, وهذا يكون بين الرؤوساء ومن لهم أتباع, وهذا يحصل عند بعض من يعلم وعند بعض من له مستفيدون, فهذا من أسباب الكبر. وأعلم أن التكبر يظهر في شمائل الإنسان, يظهر في حركاته فمن ذلك أنه يحب قيام الناس له, أنه إذا جاء مجلس من المجالس أحب أن يتمثل له الناس قيامًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير