تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[30 - 12 - 06, 10:35 ص]ـ

فهؤلاء الغربان الذين يقدسون المستعمرين ويتلقون كل ما جاء منهم بالقبول والإجلال لا يفكرون أبدا في فظاعة طرد الأبوين ابنتهما في الوقت الذي تكون فيه أحوج ما كانت إلى الحماية والرعاية في سن السادسة عشرة ويعرضانها للفجور كمن يخرج درة من صدفها ويلقيها في مزبلة بل هذه أقبح ولكن عبيد الاستعمار مضروبون بسوط هيبته قد فقدوا العقول التي وهبهم الله ليميزوا بها الحسن من القبيح فهم يرون كلما يفعله أئمتهم وإن كان في غاية القبح حسنا وكل ما يخالفهم وإن كان في غاية الحسن قبيحا كما قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا

هذا شأن عبيد الاستعمار الغربي، وكذلك عبيد الاستعمار الشيوعي فإنهم مثلهم أو أضل سبيلا فإنهم يقدسون الزعيم ويخترعون له من المزايا والفضائل حتى تضيق العبارات عما يريدون أن يصفوه به فإذا ملّه رفقاؤه وأرادوا أن يتخلصوا منه ليستبدلوه بغيره وقلبوا له ظهر المجن وأنزلوه من العرش وملأوا الدنيا بذمه وانتقاده انقلب مادحوه والمعجبون به، وسلقوه بألسنة حداد وقد لا يكون بين إغراقهم في مدحه ومبالغتهم في ذمه إلا عشية أوضحاها كما وقع لرؤساء اليهود حين أسلم عبد الله بن سلام رضي الله عنه فإنه قال: "يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إذا علموا بإسلامي بهتوني وعابوني فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي" فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: "سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا"، فخرج عبد الله بن سلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد خبأه في بعض بيوته فقال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" فقالوا: "أرذلنا وابن أرذلنا وأجهلنا وابن أجهلنا" والقصة مذكورة في صحيح البخاري.

وكنت قبل بضع سنين في برلين فرآني شاب شيوعي أتيمم على تراب فلما صليت قال لي: "ما فائدة التمسح على التراب؟ الوضوء معقول لأن فيه نظافة، وأما التمسح على التراب فهو أمر شكلي ما فيه فائدة" فقلت له: "أنت أخبرتني أن ستالين ألف كتابا في علم التربية وأنه كتاب مقرر في المدارس لتعليم علم التربية، ومن المعلوم أن ستالين لم يكن قط معلما ولا مدير مدرسة فضلا عن أن يكون من المختصين بعلم التربية فكيف صار تأليفه في علم التربية مقدما على غيره وهو رجل عسكري قضى عمره كله في الحروب وليس له إلمام بالتربية لا علما ولا تعليما فتأليفه في علم التربية أمر شكلي أما التيمم بالتراب فمعناه التواضع لله تعالى والخضوع له وطلب العون منه والشفاء من المرض الذي حال بين المتيمم وبين الوضوء وهذا معنى الصلاة أيضا".

ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[30 - 12 - 06, 10:40 ص]ـ

هذا الزمان زمان الجهل والفتن فانظر إلى ما فشا في الناس من نتن

يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن

والنتن الدخان الذي يشربه الناس.

والحاصل أن المقلدين للشرق والغرب خسروا أنفسهم وفقدوا عقولهم وصاروا كالأنعام بل هم أضل سبيلا فهم كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} ومع كل هذا التقديس تنكروا لإلههم بعد موته وكان الذي أنكره وأظهر عيوبه وجرائمه هو نائبه وشريكه في الحكم عشرات السنين (خروتشوف) ثم حلّ محله وتربى على منصة السيادة وورثه وظن أنها تدوم له فلم يلبث أن ذاق مرارة العزل وهو حي وأصبح في خبر كان وكل ما جاء مقدس جديد اشتعلوا به ونسوا الذي قبله ولم يبالوا بالتناقض فصار مدح هؤلاء وذمهم سواء لأن الذي يمدحونه اليوم يذمونه غدا والذي يثبتونه اليوم ينفونه غدا وبالعكس وما أحسن ما حكاه الإمام أبو محمد بن حزم، قال: "كان عندنا بالأندلس فقيه من أهل الفتوى وكان لا يفتي حتى يتقدمه غيره فيكتب تحته قوله: موافق لما قاله الفقيه أعلاه. فاتفق أن الفقهاء اختلفوا في مسألة فبعضهم أفتى فيها بالجواز وبعضهم أفتى بالتحريم فلما جاءوا بالصحيفة كتب أسفلها قولي موافق لما قاله الفقهاء أعلاه فقيل له إنهم تناقضوا فقال وأنا أيضا أتناقض كما تناقضوا".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير