تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إمَّا بِإظهار نحول وصفرة، ونحو تشعث شعر، وبذاذة هيئة، وخفض صوت، وغمض جفن إيهَامًا لشدَّة اجتهاده في الْعبادة وَحُزْنِهِ وَقِلَّةِ أَكله وعدم مبالاته بِأمر نفسه لاشتغاله عنها بِالأهمِّ، وتوالي صومه وسهره، وإعراضه عن الدُّنيا وأهلها، وما درى الْمخذول أنه حينئذ أقبحُ من أَرَاذِلِهِمْ كَالْمَكَّاسِينَ وَقُطَّاعِ السَّبِيلِ. وَأَمْثَالِهِمْ، لأنهم معترفون بِذنوبِهم لا غُرُورَ لهم في الدِّينِ بِخلاف ذلك المخذول الممقوت.

وإمَّا بِإِظهَار زيِّ الصَّالحين كإطراق الرَّأس في المشي والهدوءِ في الحركة، وإِبقَاءِ أَثَرِ السُّجُودِ عَلَى الوَجهِ ولبس الصوف وخشن الثياب وتقصيرها وغير ذلك إيهامًا أنَّه من العلماء والزهاد.

2ـ تحريم الرياء وأنه من الكبائر:

اعلم أن الرياء هو الشرك الأصغر وهو من الكبائر المحبطة للعمل، وقد شهد بتحريمه الكتاب والسنة، وانعقد عليه إجماع الأمة:

أ ـ الكتاب:

قال تعالى: ((الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ)) وَ قال تعالى: ((وَاَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَاب شَدِيدٌ)) قَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ، وَ قال تعالى: ((وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا))

ب ـ السنة:

فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ: ((إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا جَزَى النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا اُنْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً)). وَالطَّبَرَانِيُّ: ((إنَّ أَدْنَى الرِّيَاءِ وَأَحَبَّ الْعَبِيدِ إلَى اللَّهِ الْأَتْقِيَاءُ الْأَسْخِيَاءُ الْأَخْفِيَاءُ)) أَيْ الْمُبَالِغُونَ فِي سَتْرِ عِبَادَاتِهِمْ وَتَنْزِيهِهَا عَنْ شَوَائِبِ الْأَغْرَاضِ الْفَانِيَةِ وَالْأَخْلَاقِ الدَّنِيئَةِ ((الَّذِينَ إذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِذَا شَهِدُوا - أَيْ حَضَرُوا - لَمْ يُعْرَفُوا أُولَئِكَ أَئِمَّةُ الْهُدَى وَمَصَابِيحُ الدُّجَى)). وَالْحَاكِمُ: ((أَوَّلُ النَّاسِ يَدْخُلُ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، يُؤْتَى بِالرَّجُلِ، فَيَقُولُ: رَبِّ عَلَّمْتَنِي الْكِتَابَ فَقَرَأْتُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَيْ سَاعَاتِهِمَا رَجَاءَ ثَوَابِك، فَيَقُولُ: كَذَبْتَ إنَّمَا كُنْتَ تُصَلِّي لِيُقَالَ: إنَّك قَارِئٌ مُصَلٍّ وَقَدْ قِيلَ، اذْهَبُوا بِهِ إلَى النَّارِ؛ ثُمَّ يُؤْتَى بِآخَرَ، فَيَقُولُ: رَبِّ رَزَقْتَنِي مَالًا فَوَصَلْتُ بِهِ الرَّحِمَ وَتَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَحَمَّلْتُ بِهِ ابْنَ السَّبِيلِ رَجَاءَ ثَوَابِك وَجَنَّتِك، فَيُقَالُ: كَذَبْتَ إنَّمَا كُنْتَ تَتَصَدَّقُ وَتَصِلُ لِيُقَالَ: إنَّهُ سَمْحٌ جَوَّادٌ فَقَدْ قِيلَ، اذْهَبُوا بِهِ إلَى النَّارِ، ثُمَّ يُجَاءُ بِالثَّالِثِ فَيَقُولُ: رَبِّ خَرَجْتُ فِي سَبِيلِك فَقَاتَلْتُ فِيك غَيْرَ مُدْبِرٍ رَجَاءَ ثَوَابِك وَجَنَّتِك فَيُقَالُ: كَذَبْتَ إنَّمَا كُنْتَ تُقَاتِلُ لِيُقَالَ: إنَّك جَرِيءٌ وَشُجَاعٌ فَقَدْ قِيلَ، اذْهَبُوا بِهِ إلَى النَّارِ)). وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ: ((مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ: وَمَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ لِسَانَيْنِ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

ج ـ الإجماع:

انعقد إجماع الأمة على تحريم الرياء.

3 ـ أقسام الرياء من حيث القبح: أ ـ َأَقْبَحُهَا الرِّيَاءُ فِي الْإِيمَانِ:

وهو شأن المنافقين الذين أكثر الله من ذمهم في كتابه العزيز: ((إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ))

ب ـ وَيَلِيهِمْ الْمُرَاءُونَ بِأُصُولِ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ:

كأن يعتاد تركها في الخلوة ويفعلها في الملأ خوف المذمَّة، وهذا أيضًا عظيم عند اللَّهِ تعالى لإنبائه على غاية الجهل وأدائه إلى أعلى أنواع المقتِ.

ج ـ وَيَلِيهِمْ الْمُرَاءُونَ بِالنَّوَافِلِ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير