تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: لأنَّهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق.

قال أبو قلابة لأيوب السختياني: يا أيوب إذا أحدث الله لك علمًا فأحدث لله عبادة، ولا يكونن همك أن تحدث به الناس.

قال الحسن البصري: همة العلماء الرعاية، وهمة السفهاء الرواية.

فإذا لم تجد القول موافقًا للعمل فاعلم أنه نذير النفاق.

قال عبد الله بن المعتز: علم المنافق في قوله، وعلم المؤمن في عمله.

وحكى الذهبي عن أبى الحسن القطان قوله: (أُصبت ببصري، وأظن أنى عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة)، ثم قال الذهبي: " صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام، وإظهار المعرفة. واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم، وسوء القصد ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه فنسأل الله التوفيق والإخلاص. أهـ (من سير أعلام النبلاء).

وعن معمر بن راشد قال: إنَّ الرجل يطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: ((نعم يطلبه أولاً، والحامل له حب العلم، وحب إزالة الجهل عنه وحب الوظائف، ونحو ذلك، ولم يكن عَلِم وجوب الإخلاص فيه، ولا صدق النية، فإذا علم حاسب نفسه، وخاف من وبال قصده، فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها، وقد يتوب من نيته الفاسدة، ويندم، وعلامة ذلك أنه يُقْصِر من الدعاوى وحب المناظرة، ومن قَصْدِ التأثير بعلمه، ويُزْري على نفسه، فإن تَكَثَّر بعلمه، أو قال أنا أعلمُ من فلان فبعداً له)).

رابعاً ــ الولع بالغرائب والبحث عن المهجور من الأقوال:

فترى من ابتلي بهذه الشهوة الخفية ألا وهي الرياء يتصيد الغرائب ويتصيد المهجور من أقوال العلماء، فبمجرد أن يتصيد مسألة من هنا أو هناك، سمعها في مجلس، أو من شريط، أو قرأها في صحيفة، أو في كتاب، يوالي ويعادى على تلك المسألة.، وأكثر الناس اليوم لا علم له إلا ببعض المسائل، وليتها بالنافعة، وإنما شواذ المسائل، وغريب الآراء، والمهجور من الأقوال، وكأن الشعار "خالف تُعرف" فالخلاف عنده أشهى من الاتفاق.

حتى وجدنا بعض المتعالمين من يشغل العامة بالمسائل النادرة الحدوث والمختلف عليها والتي هي أصلاً ليست أهلاً لطرقها على المنابر من أمثال (الحجامة) فتراه يصطنع عليها خطباً متكررة متنوعة، إنما الشذوذ والغرابة والبحث عن المهجور من الأقوال ساقه إليها، وكان الأولى شغل الناس والعامة بعوالي الأمور والمهمات الجسيمة التي ترقى بهم وبإيمانهم.

فالولع بالغريب والشاذ من الأقوال، وإحياء المسائل المهجورة والتي حسمها أهل العلم منذ زمن بعيد، كل ذلك ـ إن كان عن عمد ـ يدل على خلل واضح، وسوء قصد بيِّن، لا سيما إذا كان الأمر زلَّ فيه عالم من العلماء، ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع هذه المسائل التي أسموها بـ ((الطبوليات)) إذ قيل: ((زلة العالم مضروب لها الطبل)) [حلية طالب العلم ص (7) للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد].

خامساً ــ الشغب على المخالف والزهو بالمتبع.

فإنك تراه يشاغب على من خالفه، ويعاديه، وينفر منه، ويفرح بالمدح، ويزهو بكثرة الأتباع، وبالضد تتميز الأشياء، وتلك من نتاج العصبيات والحزبيات، لعدم تحقيق عقيدة الولاء والبراء فيصير الولاء للمتبع، والبراء من المخالف، وما كان هذا هدي السلف في الخلاف، لا سيما في الفروع،وكم من مجر للخلاف على ألسنة الناس لمجرد الشغب عليه لمخالفته إياه، أو الزهو بمن اتبعه، ومن أهم علامات الصادق استواء المدح والذم عنده، فإن لم يكن كذلك فليتهم نفسه.

قال الإمام الذهبي في [سير أعلام النبلاء (7/ 393)]: عن عبد الرحمن بن مهدى عن طالوت: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: ما صدق الله عبد أحب الشهرة.

ثم قال الذهبي: علامة المخلص الذي قد يحب الشهرة، ولا يشعر بها، أنه إذا عوتب في ذلك لا يحرد، ولا يبرئ نفسه، بل يعترف ويقول: رحم الله من أهدى إلىَّ عيوبي، ولا يكن معجباً بنفسه، لا يشعر بعيوبها، بل يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء مزمن " أهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير