تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

?، فمن تساهل في عمل أو قصر فيه أو استغله لمنفعته الخاصة، فراتبه مدخول فيه شبهة، فاتق الله أيها الموظف، وقم بعملك واجتهد فيه لتأكل حلالاً طيباً مباركاً لك فيه.

-عنصر الرجل المناسب في المكان المناسب –

أيها الموظفون، أيها المدراء، أيها المسؤولون، اتقوا الله فيما وليتم عليه، وضعوا الرجل المناسب في المكان الجدير به، فلا يسند منصب ولا وظيفة إلا لصاحبه الذي تترقى به كفاءته وصفاته، فلا اعتبار للمجاملات والمحسوبيات، حتى الصحبة لا ينظر إليها، فالنبي ? اعتذر لأبي ذر لما طلب أن يستعمله بل وحذره من خطر ذلك عليه، مما يعرفه عنه ?، وقد يكون الرجل حسن السيرة، وحسن الإيمان لكنه ليس أهلاً للمنصب، فيوسف عليه السلام، رشح نفسه لإدارة المال، ولم يذكر نبوته وتقواه، بأني شيء طلبها إذا؟ بل طلبها بحفظه وعلمه، قال: ? أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ? فالأمانة تعني أن تختار الأحسن، فإذا عدلنا عن الأحسن إلى غيره بهوى أو رشوة أو قرابة، فهي والله خيانة للأمة وخيانة للأمانة بتنحية القادر وتولية العاجز.

عن معقل بن يسار، قال: سمعت رسول الله ?، يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)) وفي رواية لمسلم: ((ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجتهد لهم أو ينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة)). فيا كل مدير، ويا كل مسؤول، ورئيس، أن الأمة التي لا أمانة فيها هي التي تنتشر فيها الرشوة وتهمل الأكفاء وتبعدهم وتقدم من ليسوا أهلاً للوظائف والمناصب، وهذا من علامات الساعة، كما قال ?: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)) فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة)) فالأمة التي لا أمانة فيها هي التي تعبث فيها الشفاعات بالمصالح وتطيش بإقدار الرجال الأكفاء لتهملهم وتقدم من دونهم، فتنبهوا واحذروا وأخلصوا.

نسأل الله أن يعينكم ويسددكم فأنتم على ثغر جسيم، وخير عظيم، متى صدقتم واستعنتم بالله، فكونوا عند حسن ضن ولاة أمركم وثقة أهلكم وجماعتكم.

-الشفاعة داء أو دواء -

أنت يا من رزقه الله مكانة ووجاهة، اعلم أن زكاتها الشفاعة والإعانة للمحتاجين، على أن لا يبخس بها حق الآخرين، فإن الشفاعات من أعظم العبادات إذا قصد بها وجه الله عز وجل.

كتب الحسن بن سهل كتاب شفاعة فجعل الرجل يشكره، فقال الحسن: يا هذا علام تشكرنا؟ إنا نرى الشفاعات زكاة مروءتنا، ثم أنشد، يقول:

فُرضت عليّ زكاةُ ما ملكت يدي وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا.

فإذا ملكت فجد فإن لم تستطع فأجهد بوسعك كله أن تنفا.

ولكن يتأكد هنا التركيز والتنبيه دائماً على المنهج الشرعي في مسألة الشفاعة والتوسط للآخرين، وهذا مما يخلط فيه الكثير من الناس، والتحقيق أنه إن ترتب على ذلك ضياع حق لأحد أو نقصانه أو حرمان من هو أولى وأحق بتعيين أو قبولٍ مثلاً، الشفاعة هنا محرمة يأثم صاحبها؛ لأنه ظلم لمن هو أحق بها،وظلم لأولي الأمر وذلك بحرمانهم من عمل الأكفاء وخدمته لهم ومعونته إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة واعتداء على الأمة بأكملها بحرمانها ممن ينجز أعمالها ويقوم بشؤونها في هذا الجانب على خير حال، ثم أن الشفاعة في مثل هذا تولد الضغائن والضنون السوء ومفسدة للمجتمع، ويشتد الأمر ويعظم إذا كانت الشفاعة في حد من حدود الله، فمتى وصلت القضية لولي الأمر أو من ينوبه من مراكز الشرط أو المحاكم وغيرها فلا يجوز لأحد أن يشفع أو يتدخل، وإذا لم يترتب على الوساطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة بل مرغب فيها شرعاً ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله، فقد أخرج البخاري _ رحمه الله _ أن النبي ?، قال: ((اشفعوا تؤجروا)) وفي صحيح مسلم أنه ?، قال: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) والله تعالى يقول: ? من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا ? ويقول تعالى: ? انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير