تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و سبحان الله نرى الكثير من المحرومين ممن حرم نفسه من هذا الخير العظيم، ربما قلت لي: الناس لا يرضيهم إلا تلبية رغباتهم وتنفيذ ما يريدون، بل ربما قلت: إن ميزان الناس اليوم في الحكم على الآخرين هو مصالحهم الشخصية، فأقول لك: نعم. وهذا هو واقع الحال، ونحن لا نبرء أنفسنا، ولكن أخي الحبيب، هب إنك بذلت لهم ما استطعت وتخلقت معهم بأحسن الأخلاق ولم يرضوا عنك، أليس حسبك أن يرضى الله عنك؟ فإنه يعلم أنك قدمت وبذلت ما بوسعك. إذن فأجرك على الله، وإن لم يرضى الناس، فتذكر دائماً أن من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس. فأحرص على فضائل الأخلاق وفن التعامل مع الناس، فإن رسول الله ?، يقول: ((خياركم أحاسنكم أخلاقاً، وإن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم النهار القائم الليل)). معاشر الموظفين، إن الإسلام بيَّن ما ينبغي أن يكون عليه حال من يلي أمور الناس، فالموظف في أية إدارة مسؤول كأي فرد، ومسؤول عن قيامه بالواجب وفي مقدمة ذلك الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم والرفق بهم وعدم المشقة عليهم وتعطيل مصالحهم، وهذا يدعونا للحديث عن عنصر مهم جداً.

فبعض الموظفين له هواية في تعطيل مصالح الناس والتنقيب في خفايا المعاملات وألفاظها وكل همه أن يثبت قوة شخصيته وأهمية مكانته، فالشك عنده هو الأصل، والحسابات والهواجس تأكل رأسه قبل دخول المراجع عليه وحتى ينتهي من الإجراءات، ومن فعل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ليس مني الضعيف وليس من أحد من المخلوقين الضعفاء، بل من الله عز وجل. أسمع لحديث النبي ? يوم قال: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به)) كما في صحيح مسلم.

قال النووي رحمه الله: ((هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس وأعظم الحث على الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى 000 إلى آخر كلامه)).

الأمر أعظم من هذا، فالموظف أو المسؤول الذي يوقع الناس في المشقة بالإساءة إليهم ومنعهم من حقوقهم وتحميلهم ما لا يطيقون يستحق غضب الله تعالى وعقابه، فقد جاء الوعيد الشديد لذلك الموظف الذي يمتنع من استقبال الناس أو يمتنع عن القيام بمعاملاتهم أو يتسبب في تعطيلها وتضيع حقوقهم كما، قال النبي ?: ((من ولاه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره)) أخرجه أبو داود، والترمذي، وذكره الألباني في الصحيحة.

فتأمل أيها الموظف هذه الأحاديث فإن الله عزيز ذو انتقام وعنه الله تجتمع الخصوم.

عنصر المسؤولية تشريف أم تكليف:

ليفكر كل موظف ومسؤول في حاله إذا عزل أو أحيل عن وظيفته أو أحيل على التقاعد، وقد أشار النبي ? إلى هذا المصير، بقوله: ((إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمة المرضعة وبئست الفاطمة)) كما في صحيح البخاري، فالمتولي لمناصب المسؤولية ومنها الإدارة والإمارة كالطفل الرضيع ينتفع بما يصل إليه من منافع وملذات، فإذا عُزل أو تقاعد صار يتألم ويتحسر ويبكي كالطفل الذي يمنع من الرضاعة. فالسعيد من الموظفين والمسؤولين من نصح وأخلص ورفق بالناس ويسر وبشر فكأن بذلك جديراً برحمة الله وعفوه ورضاه، ويكفي العاقل اللبيب هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي ? أنه، قال: ((ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكه بره أو اوبقه أثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وأخرها خزي يوم القيامة)) صححه الألباني، قال: إسناده جيد رجاله كلهم ثقات.

ليس معنى هذا أن يتخلى الأخيار والثقات عن المسؤولية، لا بل واجب عليهم أن يتحملوها إن لم يوجد غيرهم، وأن يقوموا بها ولكن عليهم الاستعانة بالله عز وجل، والصدق والحرص والدقة في الأمانة والحذر من ظلم الناس أو بخس حقوق الناس أو الانتفاع من هذه المكانة وهذه المسؤولية.

عنصر: أيها الموظف الوقت الوقت:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير