تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهكذا النبي r محمد بن عبد الله جسده أيضا جسد مبارك، ولهذا جاء في الأدلة في السنة أن الصحابة كانوا يتبركون بعرقه، يتبركون بشعره، وإذا توضأ اقتتلوا على وضوءه وهكذا في أشياء شتى ذلك؛ لأن أجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية يمكن معها نقل أثر هذه البركة أو نقل البركة والفضل والخير من أجسادهم إلى غيرهم، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، أما غيرهم فلم يرد دليل على أن ثم من أصحاب الأنبياء من بركتهم بركة ذاتية حتى أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر فقد جاء بالتواتر القطعي أن الصحابة والتابعين والمخضرمين لم يكونوا يتبركون بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بجنس تبركهم بالنبي r با لتبرك بالشعر أو بالوضوء أو بالنخامة أو بالعرق أو بالملابس ونحو ذلك".

وأشار الشيخ إلى أن في التبرك بالأشجار والأحجار ونحوها تشبه بفعل المشركين من أهل الجاهلية، حيث كان المشركون "يرجون كثرة الخير ودوام الخير ولزوم الخير وثبات الخير بالتوجه إلى الآلهة، وهذه الآلهة يكون منها الصنم الذي من الحجارة، ويكون منها القبر من التراب ويكون منها الوثن، ويكون منها الشجر، ويكون منها البقاع المختلفة غار أوعين ماء أو نحو ذلك هذه تبركات مختلفة جميعها تبركات شركية".

التبرك بالأشجار بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر:

التبرك بالأشجار والأحجار وغيرها ونحوها له حالتان:

1ـ أن يعتقد البركة فيها ويرجوه ويؤمله منها، فيتبرك بها رجاء النفع والضر، فهذا شرك أكبر.

2ـ أن يتبرك بها على أنها سبب، بأن يعتقد أن البركة من الله تحصل بالتمسح بها، فهذا شرك أصغر.

ويوضح الشيخ صالح أن التبرك بالشجر أو بالحجر أو بالقبر أو ببقاع مختلفة قد يكون شركا أكبر، وقد يكون شركا أصغر؛ فيكون شركا أكبر - يخرج فاعله من الإسلام - إذا طلب بركتها معتقدا أن هذا الشجر أو الحجر أو القبر إذا تمسح به أو تمرغ عليه أو التصق به يتوسط له عند الله، فإذا اعتقد فيه أنه وسيلة إلى ال له فهذا اتخاذ إله مع الله -جل وعلا- وشرك أكبر، وهذا هو الذي كان يزعمه أهل الجاهلية بالأشجار والأحجار التي يعبدونها وبالقبور التي يتبركون بها يعتقدون أنهم إذا عكفوا عندها وتمسحوا بها أو نثروا التراب عليها، قد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.

ويكون التبرك شركا أصغر إذا كان هذا التبرك بنثر التراب عليه أو إلصاق الجسم بذلك أو التبرك بعين ونحوها، إذا كان من جهة أنه جعله سببا لحصول البركة بدون اعتقاد أنه يوصل إلى الله يعني جعله سببا مثل ما يجعل لابس التميمة أو لابس الحلقة أو لابس الخيط جعل تلك الأشياء سببا.

فإذا أخذ تراب القبر ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك من جهة السببية فهذا شرك أصغر؛ لأنه ما صرف عبادة لغير الله جل علا ولكن اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا سببا، وأما إذا تمسح بها كما هي الحال الأولى تمسح بها وتمرغ والتصق بها لتوصله إلى الله -جل وعلا- فهذا شرك أكبر مخرج من الملة".

الدليل على ذلك:

أما الدليل على ذلك فهو في قوله عز وجل – موبخًا الكفار والمشركين -: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى؛ فاللات هذه صخرة بيضاء عند أهل الطائف، وما هدمت إلا بعد أن أسلمت ثقيف أرسل لها النبي r المغيرة بن شعبة فهدمها وكسرها وكان عليها ولها سدنة ولها قدم، المقصود أن اللات صخرة وصفت بأنها بيضاء.

والعزى شجرة كانت بين مكة والطائف، وكانت في الأصل شجرة ثم بنى بناء على ثلاث سمرات، وكانت هناك له سدنة وكانت امرأة كاهنة هي التي تخدم ذلك الشرك، ولما فتح النبي r مكة أرسل إليها خالد بن الوليد فقطع الأشجار الثلاث السمرات الثلاث، وقتل من قتل فلما رجع وأخبر النبي r قال له: ارجع فإنك لم تصنع شيئا فرجع فرآه السدنة ففروا إلى الجبل ثم رأى امرأة ناشرة شعرها عريانة هي الكاهنة التي كانت تخدم ذلك الشرك وتحضر الجن لإضلال الناس في ذلك الموضع فرآها فعلاها بالسيف حتى قتلها فرجع إلى النبي r قال: تلك العزى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير