تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم أسمع عن معمّر عاش طول هذا العمر، فإذا قيل له إنّ الله قادر على كلّ شيء، أجاب في ثقة: أنّ السحر أيضًا قادر على كلّ شيء.

لقد حاولت الرواية أن تبرِّر فناء الإله، تعالى الله، ليس فقط بضعفه وتعرضه للموت، بل بوصفه بألوان الظلم والتقصير من الغفلة والقسوة والانشغال بالملذات، فـ"الجبلاوي قابع في القصر، يتابع ما يجري من ظلم لأبنائه، ويعيش كمن لا قلب له.

انظر كتاب الطريق إلى نوبل1988عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحي ومعتز شكري. ص13 من ذلك، ما يُظهره الكاتب من تعاطف مع إبليس، الذي رمز له بإدريس، في هذا الموقف الغريب:

( .. وأيقن الجميع أنّ إدريس قد انتهى، ما هو إلا مأساة جديدة من المآسي التي يشهدها هذا البيت صامتًا، كم من سيّدة مصونة تحوّلت بكلمة إلى متسوّلة تعيسة، وكم من رجل غادره بعد خدمة طويلة مترنّحًا، يحمل على ظهره العاري آثار سياط، حملت أطرافها بالرصاص، والدّم يطفح من فيه وأنفه، والرعاية التي تحوط الجميع عند الرضا، لا تشفع لأحد وإنْ عزّ جانبه عند الغضب).

كتاب الطريق إلى نوبل1988عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحي ومعتز شكري. ص13 ويقول الكاتب أيضًا على لسان إدريس، إبليس:

" ملعون البيت الذي لا يطمئنّ فيه إلا الجبناء، الذين يغمسون اللقمة في ذلّ الخنوع، ويعبدون مُذلّهم .. ".

انظر كتاب الطريق إلى نوبل1988عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحي ومعتز شكري. ص16 ويصف الكاتبان إحدى أحداث الرواية، الجبلاوي-الذي يرمز لله U-، فيقولان:

(ويومًا تفجّر الأب-الجبلاوي-، عن ثورة جديدة، كانت ضحيّتها، تلك المرَّة امرأة؛ إذ تعالى صوته الجهير وهو يلعن نرجس الخادمة، ويطردها من البيت، وغادرت نرجس البيت وهي تصوّت وتلطم خدّيها).

انظر كتاب الطريق إلى نوبل1988عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحي ومعتز شكري. ص25 فهو يرمز للإله، ويسيء الأدب معه تقدّس وتعالى، فيصوّره بصورة الأبّ الطاغية المستبدّ المتجبّر، وينسب له من الأوصاف والكلمات البذيئة ما يترفّع عن ذكرها الإنسان العامّي فضلا عن المتعلّم، فكيف بالإله، تبارك اسمه وتقدّست أوصافه.

ويقول على لسان (قدري)، رمز قابيل، وهو يخاطب أخيه (همّام)، رمز هابيل:

"إنّ أبانا، آدم، يكدح وراء عربته، وأمّنا، حوّاء، تكدّ طوال النهار وشطرًا من الليل، ونحن نعاشر الأغنام حفاة شبه عراة، أما هو فقابع وراء الأسوار بلا قلب، متمتّع بنعيم لا يخطر على بال).

انظر كتاب الطريق إلى نوبل1988عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحي ومعتز شكري. ص70 ويقول - قابيل- لأخيه، أيضًا:

"أؤكّد لك أنّ جدّنا شخص شاذ، لا يستحقّ الاحترام، ولو كانت به ذرّة من خير ما جفا لحمه هذا الجفاء الغريب، إني أراه كما يراه عمنا، يقصد إبليس، لعنة من لعنات الدهر .. لقد نال هذه الأرض هبة بلا عناء، ثمّ طغى واستكبر).

رواية (أولاد حارتنا). ص71.

وتسود الرواية، التي تجاوزت الخمسمائة صفحة، عبارات التسخُّط والتظلُّم، التي تنكر اعتزال (الجبلاوي) في بيته المحصّن، وهو يرى الظلم والجوع والفقر، فيظلُّ في صمته ولا يحرّك ساكنًا.

يقول نجيب على لسان راوي "أولاد حارتنا":

(أليس من المحزن أن يكون لنا جدّ مثل هذا الجد دون أن نراه أو يرانا؟!.أليس من الغريب أن يختفي هو في هذا البيت الكبير المغلق وأن نعيش نحن في التراب؟!). رواية (أولاد حارتنا). ص6

ويقول نجيب متحدثا عن الله تعالى الذي رمز له بالجبلاوي:

(لماذا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة؟ لماذا كانت كبرياؤك أحبّ إليك من لحمك ودمك؟ وكيف تنعم بالحياة الرغيدة وأنت تعلم أننا نداس بالأقدام كالحشرات؟ والعفو واللين والتسامح ما شأنها في بيتك الكبير أيها الجبار!). رواية (أولاد حارتنا). ص 55

(هذا الأب الجبار، كيف السبيل إلى إسماعه أنيني؟ أيها القاسي، متى يذوب ثلج قسوتك؟!). رواية (أولاد حارتنا). ص59

ويعلّل انشغال الجبلاوي عنهم بقوله:

(لعلّه نسي الوقف والنظارة والفتوّات والأحفاد والحارة). رواية (أولاد حارتنا). ص497 ولكي يصوّر"الجبلاوي"، الذي يرمز لذات الله تعالى وتقدّس، بهذا الظلم والبطش والاستبداد أسوأ تصوير، وصَفَه بصفات جبابرة الخلق وطغاتها، فجسمه كبير، وصوته غليظ جهير، وعيناه حادّتان قاسيتان. مما قاله الراوي في سياق وصفه الخرافي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير