والمشروع متواصل لجمع كتب السنة جميعها إن شاء الله، وهو ـ بعون الله ـ وفق منهج حديثي يقوم أولاً على إيجاد بطاقة لكل حديث نبوي تجمع رواياته من الكتب السبعة وغيرها حتى تضم هذه البطاقة جميع الروايات بأسانيدها ومتونها. ثم تتم دراسة هذه البطاقة وتحليلها وتنزيلها على العناوين المناسبة في مختلف ميادين التصنيف؛ فحديث أبي سفيان المشهور مع هرقل تم تنزيله على قرابة مائة وخمسين موضوعاً.
البيان: تقول فضيلتكم: السنَّة غير مقدَّمة للعالم؛ فما المنهج الأمثل لتقديمها للناس وخصوصاً في هذا العصر؟
? إن المنهج الأمثل لتقديم السنَّة هو التصنيف الموضوعي الشامل الذي يقدمها لأصحاب الاختصاص في جميع الميادين. فنحن نعاني الآن من توزيع موضوعات السنة والقصور في تصنيفها وعناوينها؛ وهذا يؤدي إلى ضعف التعامل معها وعدم التعمق في كنوزها وأسرارها.
البيان: هناك مشروع تقريب السنَّة بين يدي الأمة للشيخ الألباني رحمه الله؛ فما الفرق بين المشروعين؟ ونود لو أعطيتمونا أمثلة على جديد مشروعكم من ناحية التصنيف؟
جهد الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ جهد مبارك قدم خدمات جليلة للعلم وأهله، ولكن المشروع الذي نتحدث عنه يتصف بالرؤية الموسوعية في التصنيف، ويستفيد من جميع الجهود السابقة.
وأمَّا عن جديد مشروعنا من ناحية التصنيف؛ فإنَّ لدينا تصنيفاً جديداً للتربية والتعليم يقع تحت ثلاثمائة عنوان، وقد أنزلنا تحت هذه العناوين نصوص الأحاديث النبوية في الكتب الستة، فبلغت هذه النصوص قرابة ثلاثة وثلاثين ألف نص من السنة، فيها الكثير من الغَناء لأهل التربية والتعليم عن الكثير من النظريات التربوية والمناهج الأرضية.
ولهذا فنحن حين نقدِّم السنَّة للمتخصصين في العلوم الأخرى؛ فإننا نُشرك أصحاب هذه العلوم مع علماء الحديث والفقه في التصنيف والدراسة، وذلك لمعرفة منطق علومهم ولتقديم السنَّة لهم.
وما منهج مركزكم في نقد الأحاديث والحكم عليها من ناحية الصحَّة أو الضعف؟
? نقوم بجهد واسع في دراسة الحديث سنداً ومتناً بناء على تكامل الروايات التي جمعناها، والإفادة من كلام علماء الجرح والتعديل والعلل، والتزام منهج في التصحيح والتضعيف نحرص على التقيد به. ونحن في مشروعنا هذا نذكر الصحيح والضعيف والموضوع لإيقاف العلماء والباحثين على هذه الأحاديث ما صح منها وما لم يصح، وقد نوافق بعض علماء هذا العصر في الحكم وقد نخالفهم، ولكن نؤيد مخالفتنا بالأدلة وجمع الأقوال واستخلاص الأحكام منها.
البيان: هل تعتمدون منهج الإمام البخاري في تقطيع الحديث وذكر الشاهد فقط، أم منهجية الإمام مسلم في ذكر الحديث كاملاً؟
? نورد الحديث كاملاً بسنده ومتنه ورقمه ورقم بطاقته، ونميز الشواهد التي تقع تحت التصنيف بلون خاص حتى تقع العين مباشرة على جزء الحديث الذي يتضمن هذه الدلالة التصنيفية؛ ولهذا فإذا كان الحديث ـ مثلاً ـ في السطر الأوَّل في الإدارة، والثاني في التغذية فنورد الحديث تحت موضوع الإدارة مميَّزاً فيه السطر المتعلق بالإدارة، ونورده مرة أخرى تحت عنوان من عناوين التغذية مع تمييز السطر بلون مميز.
البيان: وهل أخرجتم شيئاً من الكتب هذه؟ وكم تتوقع أن يكون عدد هذه الكتب؟
? أنجزنا ـ ولله الحمد ـ هذه الموسوعة في مرحلتها الأولى على الحاسوب، وسنقوم بإصدار موضوعاتها موضوعاً إثر موضوع، وراعينا الحاجات الملحة، فبدأنا بإصدار أحاديث الفتن وأشراط الساعة، ويتلوها أحاديث المعاملات، ثم أحاديث العقائد، ونرجو أن يصدر من هذا المشروع عشرات الإصدارات؛ حيث إن الموضوعات المعدة تربو على مائة موضوع.
البيان: أتوقع ـ كما ألاحظ ـ أن بداية طباعتكم لهذه الموسوعة ستكون مشروع الفتن؟ فلِمَ يكون هذا الاختيار؟
? اخترنا البدء بإخراج موضوع أحاديث الفتن وأشراط الساعة من سلسلة العقائد؛ لأهمية هذا الموضوع في تبصير المسلم بأحداث حاضره ومستقبله، كما تفيده في استخلاص العبر من أحداث الماضي، وهذه البصيرة التي تنشأ عن الإيمان بصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يخبر من أخبار الغيب والمستقبل، تؤدي إلى أن ينظر المسلم إلى الأحداث بمنظار النبوة، فيكتسب العلم بهذه الفتن، ويحذر منها، ويستعد لمواجهتها، ويعلم كيف يتصرف عند وقوعها.
وتتأكد أهمية معالجة موضوع الفتن في هذا العصر خصوصاً، لعدد من الأسباب: منها كثرة الخلط بين الصحيح والضعيف والموضوع من هذه الأخبار، وعدم التمييز بينها؛ بحيث نشأ عن ذلك اختلال في الرؤى أدى إلى دخول كثير من الخرافات والأباطيل إلى عقول العوام. ومن الأسباب أيضاً خوض بعض الناس في تفسير أحاديث الفتن وتأويلها بغير علم، وحملها على وقائع جزئية معينة، لا يسوغ حمل هذه الأحاديث الشريفة عليها؛ وهذا مسلك خطير في التعامل مع أحاديث الفتن يؤدي إلى فتنة الناس وتشكيكهم بصدق هذه الأحاديث؛ وذلك عندما لا يصدِّق الواقعُ هذه التأويلات والتفسيرات والإسقاطات.
البيان: سمعنا أنكم تريدون ترجمة المشروع إلى لغات أخرى غير العربية؟
? سنقوم ـ بإذن الله ـ بترجمة هذا المشروع إلى اللغات الأجنبية لنمكِّن المسلمين وغير المسلمين من غير الناطقين بالعربية من التعرف على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
البيان: نسأل الله أن يبارك في جهودكم وأعمالكم. هل من كلمة أخيرة لمجلة البيان؟!
? إن مجلة البيان تأتي في سياق المبادرات المهمة لإحداث نهضة الأمة وصحوتها وتوجيهها نحو دورة الإسلام الثانية واستئناف نهضة هذا الدين، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا، وقد جعل الله من هذه المجلة منبراً لكلمات الخير ومشاريع الخير، فبارك الله بالقائمين عليها، وسلك بهم سبل الرشاد؛ إنه سميع قريب مجيب الدعاء. والحمد لله رب العالمين.
¥