* وممن حفظه كذلك من أبنائه: عمر، وقد حفظ كتاب الله: في السنة الثالثة عشر من عمره، لكنه قد نسي بعضه: وذلك بسبب أنه حفظه بوقت يسير، وقد ترك مراجعته مدة بسبب: موت شيخه رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ((وهنا تجد سيرة شيخه فهي جديرة بالقراءة والتفكر والتأمل http://saaid.net/Doat/ehsan/143.htm )) وهو الآن يراجع مراجعة قوية حتى يثبت كتاب الله في قلبه ولله الحمد والمنة، وهو متميّز جدًّا في الحرص على الدعوة، ومصاحبة الشباب، وقد قال عنه مرة شيخٌ صاحب فراسة .. أن " هذا الغلام يصلح أن يكون قائدًا " وهو كذلك! فكم من نشاط تربوي، واجتماع أخوي، وإشراف على عرس إسلامي، كان هو المنسّق والمسؤول، وقد رزقه الله الفكاهة والابتسامة، وفضيلة الشيخ أبو مالك – محمد بن إبراهيم أبو شقرة – أطال الله في عمله وأحسن عمله لا يناديه إلا بالـ " البسّام "!!.
* ومن المناسب هنا أن يُنصح كل من يدخل الدورات المقامة في العطل الصيفية – وهي طبعاً لا تصلح إلا لفئة قليلة من المجتمع! -، بأن يضع برنامجاً قوياً .. يراجع به ما حفظه، خاصة كتاب الله تبارك وتعالى، فهو سهل التفلت من الذهن كما ورد في الحديث.
وإنه وبكل صراحة: من يدخل هذه الدورات - الدورات التي تقام للحفظ في شهر أو أكثر - ولا يزيد اجتهاده على كتاب الله بمراجعة ما كان قد حفظه في الدورة؛ فعليه أن لا يتعب نفسه بالدخول في هذه الدورات لأنه سرعان ما ينساه .. وهذا مشاهدٌ عندنا، فمن الإخوة من حفظ كتاب الله بشهرٍ واحد، وبعضهم يزيد أو ينقص .. لكنه تكاسل بعد حفظه .. فرجع كما كان أول والله المستعان!! .. والأدهى والأمر أن الناس يحسبونه حافظاً وهو يعرف نفسه أنه ليس كذلك!! لذلك من أراد أن يدخل دورات الحفظ فعليه بالمداومة على المراجعة بعد انتهاء دورته، أو أنه لا يتعب نفسه ويتعب غيره فيدخلها، وليحفظ بقدر ما يستطيع .. ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد كان السلف رحمهم الله: لا يتجاوزون حفظ عشر آيات من كتاب الله حتى يعلموها ويعملوا بما فيها، وإن أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
* ومن أبنائه كذلك وهو السابع: أوس، وقد أتم حفظه قبل أيام قليلة ولله الحمد والمنة، وسيكون عنده برنامج تمكين لمدة لا تقل عن السنة، فالحفظ شيء! والتمكين شيء آخر!! مع أن الأصل أن لا يُسمى الحافظُ حافظًا حتى يتمكن من حفظه، كما سمعت عن الشيخ عادل الكلباني حفظه الله أنه يقول: الذي يؤم الناس بصلاة التراويح وقبل الصلاة يراجع حفظه هذا ليس بحافظ، وعمره الآن اثنا عشرة سنة!!.
* وقد يقول قائل هناك تفاوت في سن الحفظ بين الأولاد، فهل السبب يرجع إلى الولد نفسه أم لشيء آخر؟! فالجواب عنه: أن الحفظ موهبة من الله يعطيها بحكمته لمن يشاء، والناس متفاوتون في هذه النعمة على أربعة أقسام:
1 – قسم من الناس يحفظ سريعاً وينسى بطيئاً.
2 – وقسم آخر يحفظ سريعاً وينسى سريعاً.
3 – وقسم ثالث يحفظ بطيئاً وينسى بطيئًا.
4 – وقسم رابع يحفظ بطيئاً وينسى سريعاً.
وأولاده كُثر بحمد الله .. ومن لم يحفظه بعد كمن هو دون التاسعة فهو في طريقه لحفظ كتاب الله، وعما قريب سيكمل ولد آخر وابنتان بإذن الله عز و جل.
(ومما هو مناسب أن تقرأ هذا المقال الذي كتبه والدي – حفظه الله – قبل بضع سنين وهو يتحدث بأنه كان يتمنى قبل كتابة مقاله بـ 18 عاماً أن يكون له أبناء حفظة لكتاب الله يردونه في الصلاة إذا أخطأ .. وقد حقق الله له أمنيته، فالذي يَؤم في مسجدنا يكون خلفه سبعة حفظة من أبنائه، بل قد قام نصفهم بالإمامة في مسجده وهو وراءهم مأمومًا! وتجد هذا المقال وغيره من المقالات في صفحته هذه http://saaid.net/Doat/ehsan/index.htm ولله الحمد والشكر .. ومن هنا تعرف أنه في الغالب الذي يحرص ويسعى لتربية أبنائه فإن الله – بإذنه تعالى - يوفقه لما يريد! لكن لما كانت النية عند كل والد ولم يكن عند البعض الحرص والسعي ضاع الأبناء والله المستعان).
ومرة حدث موقف يستحق الذكر، أن أخي معاوية الذي كتبت لكم عنه آنفاً قال – وهو حزين - مرةً لوالدتي – أدام الله عليها الصحة والعافية –: يا ليتِك يا أمي تحرصين علينا في القرآن والواجب الذي يعطينا إياه الشيخ .. كحرصك علينا للكتب المدرسية .. !!
وإنَّ مقصدي من ما ذكرته لكم أحبتي في الله هو فقط ليكون عبرة لنا .. وحثاَّ لأنفسنا لنربي أولادنا التربية الصحيحة السليمة، وإني لأكتب لكم هذه الصفحات وأتحسّر من داخلي على ما أجد من أبناء هذا اليوم .. بل ومن أبناء الذين يبدو عليهم الصلاح وبعض المشايخ وطلبة العلم .. فأحدث نفسي وأقول: إن كان أبناء هؤلاء الصالحين هكذا .. !! فكيف بأبناء غيرهم من الناس ... فتأمل!!!
وحسبي لهم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. (متفق عليه) وقوله عليه الصلاة والسلام: " أيما راعٍ غش رعيته فهو في النار ". (صحيح الجامع: 2713). وحسبنا الله ونعم الوكيل!!
نسأل الله – سبحانه وتعالى - أن يصلح الراعي والرعية، وأن يوفقنا وإياكم لتربية أبنائنا وتعليمهم كتاب الله تعالى وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام وأن يوفق والدنا وشيخنا الشيخ رضوان الجلاد وجميع المشايخ لما يحب ربنا ويرضاه وأن لا يحرمهم الأجر والثواب ..
والحمد لله ربِّ العالمين.
أخوكم: طارق بن إحسان بن محمد العتيبي
[email protected]
¥