[أول الأمر وآخرة]
ـ[علاء شعبان]ــــــــ[20 - 04 - 07, 12:32 ص]ـ
... وأول الأمر وآخرة: إنما هو معاملة الله وحده، والانقطاع إليه بكُلِّيةِ القلب، ودوام الافتقار إليه، فلو وفى العبد هذا المقامَ حقهُ لرأى العجبَ العجيبَ من فضل ربه وبره ولطفه ودفاعه عنه والإقبالِ بقلوب العباد إليه، وإسكان الرحمة والمحبة له في قلوبهم.
ولكن نقول: ربنا غلب علينا لُؤُمُنا، وجهلُنا وظلمُنا وإساءتُنا من أدلِّ شيءٍ منه، فها نحنُ مُقرُّون بالتفريط والتقصير، ومن ادعى منا عندك وجاهةً فليس إلا ذليلٌ حقير، فإن تَكِلنا إلى أنفسنا تكلنا إلى ضيعةٍ وعجز وذنب وخطيئة؛ فوا حسرتاه ووا أسفاه على رضاك! ولو غضب كل أحدٍ سواك، وعلى إيثار طاعتك ومحبتك على ما سواهما، وعلى صدق المعاملة معك.
فليتك تَحْلُو والحياةُ مَريرةٌ ... وليتكَ ترضى والأنامُ غِضابُ
وليتَ الذي بيني وبينك عامرٌ ... وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صح منك الوُدُّ فالكلُّ هينٌ ... وكل الذي فوق الترابِ ترابُ
وقد كان يُغني من كثير من هذا التطويل ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعض السلف إلى بعض، فلو نَقشَها العبدُ في لوح قلبه يقرؤها على عدد الأنفاس لكان ذلك بعض ما يستحقه، وهي:
"من أصلح سَريرتَه أصلح اللهُ علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله مَؤُوْنةَ دنياه".
... وليعذر الأصحابُ في هذه الكلمات؛ فإنها والله نفثةُ مصدور، وتنفسُ مَحرورٍ ... وهذا مما يستروح إليه المكروب بعضَ الاسترواح، وهيهات هيهات إن القلب لن يقَرَّ له سِواه، كما قيل:
إذا وضعتَ القلب في غير موضعٍ ... بغير إناءٍ فهو قلبٌ مُضيِّعُ
وتحتُ هذا البيت معاني شريفة جدًا شرحها شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (9/ 316 - 319)،وهذا الكلام استللته من "الرسالة التبوكية" للإمام ابن القيم.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 04 - 07, 12:40 ص]ـ
إبن القيم رحمه الله من أفضل من كتب في الرقائق وكتبه تشحن النفس بالإيمان
بارك الله فيك على الكلام الطيب
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[21 - 04 - 07, 06:17 ص]ـ
آلمني كلامك حتى كأنك تخاطبني فيه.
لقد أصبحنا نمر على مثل هذا الكلام مرّ غمامٍ استدبرته الريح، لا حول ولا قوة إلا بالله.