تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتذكرتُ ...

ـ[أم معاذ]ــــــــ[02 - 05 - 07, 04:46 م]ـ

(1)

http://p.webshots.com/ProThumbs/10/50410_wallpaper280.jpg

وتذكرتُ ..

حفرةٌ موحشة ٌ ,جدرانٌ ضيقةٌ, تقتربُ منّي فأزدادُ وحشةً إلى وحشةٍ

صحراء مقفرةٌ ومنازلُ مهجورةٌ, تركها أهلها زهداً بها فأتتْ بهم على حينِ

كراهة ٍ لمفارقةِ دنيا ..

وظلمةُ الليلِ تطوي أيامي وليالي ,لتجعلَ السكونَ يخيّم على ذلك المكانِ

الذي سأقطنُ فيه ,فأقضي ليلي وحدي ,دونَ أنيسٍ ,ودونَ صاحبٍ أوحبيب ٍ

أو قريب ..

وتذكرتُ ..

أنّ لاصاحبَ إلا عمل ,وأن لاأنيسَ إلا عمل ولانورَ إلا عمل ولاسعةَ تبعد جدرانَ ضيق ٍ عن صدري

إلا عمل .. فسألتُ الله أن يباركَ فيما بقي وأن يجعلَ آخرَ أيامي طاعةً .. وآخرَ أعوامي طاعةً ..

وآخرَ أعمالي طاعةً .. وآخرَ أنفاسي طاعةً ..

(2)

http://p.webshots.com/ProThumbs/72/57972_wallpaper280.jpg

وتذكرتُ ..

حصة كانتْ تُضاحكُني ,أحلامُها كانت كبيرةً, آمالُها كانتْ بامتدادِ الأفقِ

وهيا .. جارتي كانتْ تنازعني ماأملك ,فيفترّ ثغرٌ بابتسامة ِ ظفر ..

وندىَ كانت ْتقفزُ كغزالة حلم ٍ قصيرٍ, لاتُبالي أينَ تحطّ قدم ٍ,

تبتسمُ للدنيا بدلال غنج ..

وسارة ٌ لم تكنْ أحوالها سارّة ,لكنّها كانتْ تُقاسمني ذلك المكانِ الذي أفرُّ إليه ِمن ضوضاء الحياةِ لتبث ّ لي بأحزانٍ وآمال تقلقها ..

وحياة ,كم أبكتها الحياة .. وكم قاتلتْ من أجلِ حياةٍ, أيّ حياة ,

فمضتْ مودعةً إيَّايِ بنظراتٍ صامتة ,لم أكنْ أفهم ذات حزنٍ أنّها كانتْ

تودعُني على خجلٍ ..

وتذكرتُ ..

أنّ فوضى الأمانيّ تُقلقنا, وزهرةَ الدنيا تُبهرنا, وضجيجَ الأحياءِ يُنسينا

سكونَ الأمواتِ إن سكنوا في زاوية ٍ من الدنيا ,وأنّ اشتدادَ قوةٍ يُنذرُ بطغيانٍ

,وكثرةَ أموال ٍوأولادٍ تُلبسنا رداءَ التفاخرِ والتكاثرِ فتُعمينا

حتىَ نصمّ أذنَ قلبٍ عن موعظة ٍموقظةٍ

ونُسلمُ قيادَ نفس ٍ لحبائل َشهواتِ دنيا غرّارة

((يا أيّها النّاس ُ إنّ وعد الله حق ٌ فلاتغرنّكم الحياة الدنيا ولايغرنّكم

بالله الغرور))

وتذكرتُ .. أنّ الأمرَ عاجل .. أيامٌ ومراحل .. ومطايا تَطوي صفحةً مكتوبةً

لنمضي لدار ٍ نسينا في زحمةِ كل شيء ٍأن نعمُرها .. فغدتْ خراباً موحشة ..

ـ[أم معاذ]ــــــــ[02 - 05 - 07, 04:49 م]ـ

(3)

http://p.webshots.com/ProThumbs/32/57732_wallpaper280.jpg

وتذكرتُ ..

سجودَ قلبٍ .. كيف يكونُ حرّاً من كل ّ قيدٍ تحبسهُ ,تقلقهُ, تزعجهُ ,تجعلهُ يتملّمل

في مكانه ِ من ضيق ِ التفاتة ٍ يسيرة لسوى الله ..

وتذكرتُ ..

كم شقيَ القلبُ بطول ِوحشةٍ .. لالتفاتة ٍ .. وكم ذاقَ سقمَها ,فألفيتُ نفسي

أتقلب ُ على لهيبِ جمرٍ لاألوي على شيءٍ, فلا القلبُ عاد قلباً .. ولاالروحُ ساكنتْ جَسداً ,فلا أحسنتُ عُلواً ولارضيتُ بسفولٍ

وتذكرتُ ..

كم عشتُ هجرةَ روح ٍ لتنكّر ِ جسدٍ ,وشرودِ أنسٍ لحضور ِ وحشة ٍ ..

وتذكرتُ ..

أنّنا بهذا الذي بين جنبينا نكونُ ..

وأنّ التفاتةٍ لغيرِ ربهِ شقاءٌ وعذاب ..

وأنّ سعادةَ الروحِ وأنسَ الدنيا والآخرة كلّه ُجُمع في مضغة ٍ لاتُحسنُ إلا التفاتاً

لله .. فإن قُصرتْ على التفاتٍ لغيره سَامَها صاحبَها سوءالعذابِ .. فلا هوأسعدَها ولاأسعدَ نفسهُ ..

(4)

http://p.webshots.com/ProThumbs/38/58038_wallpaper280.jpg

وتذكرتُ ..

بُعدَ الطريق ِ .. وطولَ السفر ِ .. وقلةِ الزاد ِ .. ووحشةِ المقام ِلو أنّي جمعت ُ حسنات ٍ كجبال ِ تهامة ,ما دَفعتْ عنّي زفرةَ حسرة ٍعلى تقصيرٍ وتفريط ٍ

في ساعة ٍ كانَ لي فيها حياة فلم أملأها بما خُلقتْ له ..

وتذكرتُ ..

تفرّق عنّي الأصحابُ والأحبابُ .. وضمّة قبري واقتراب جدران ظلمة تقلقني ,فياليتَ شعري .. أضمّة محبّ أم ضمة كرب ..

وتذكرتُ ..

صوتٌ منقطع ٌقد بُحّ منّي فياليتَ من يسمعني ..

أيا .. كلّ من أحببتُ وأحبني ..

أيا كلّ من لاقيتُ في دنيا واجتمعت ,

لاتنسوا فقري إلى مُزنِ رحمة ٍ تغسلني ..

في زحمةِ حياتكم .. ياصحبِ دربي .. لآتنسوني ..

واستمطروا رحمة ومغفرة .. جسداً فقيراً إلى دعاءِ رحمة ..

وتذكرتُ ..

أيّ زاد ٍ حملت ُ معي ..

وأي عمر ٍ فرقته فما اجتمعَ علي ..

وأي لهوٍ ولعبٍ شتت جمعي ..

وأي جهل ٍ كنتُ فيه .. فغرّني ..

وتذكرتُ ..

أنّ الحقائقَ ..

تجلتْ لي

لما صرتُ وحيداً

دونَ شغل ٍ .. ولاعمل ٍ ..

بل سكونٌ ٌ في سكونٍ

وتذكرتُ ..

وأنا أتوسّدُ ترابَ ظلمةٍ ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير