تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنه لا يستوي رجلان: رجل يؤدي العبادة وهو يعلم أنها عبادة، لكنه لا يعلم فضلها وما أعده الله للعاملين، وآخر قد فقه ما ورد فيها من نصوص تبين منزلتها، وما أعده الله من أجر عظيم لمن قام بها.

ولذلك لما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثقل الصلاة على المنافقين قال: - ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا - (2) فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معرفة الأجر سببا لنبذ الفتور والكسل، حتى لو كان من أسوأ أنواع الفتور، وهو فتور المنافقين. فإذا كانت معرفة الأجر والمثوبة ستؤثر في المنافقين، فلا شك أن تأثيرها في المؤمنين أقوى وأرجى.

وكذلك فضل الصبر على الطاعة وعن المعصية، العلم به يعطي المسلم قوة وقدرة على التحمل، ولو تأمل قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) (3) [سورة الزمر، الآية: 10] لكان حصنا عن الضعف والتراجع.


(1) - سورة الكهف آية: 68.
(2) - أخرجه البخاري (1/ 160) كتاب الأذان باب [34] ومسلم (1/ 451) كتاب المساجد رقم (651 [252]).
(3) - سورة الزمر آية: 10.

وكذلك التذكير بفضل الأعمال، والتحذير من عواقب الإهمال والتقصير والتفريط، مما يسهم في علاج هذا المرض والوقاية منه، فكم من إنسان سمع موعظة فزادته إيمانا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (1) [سورة الأنفال، الآية: 2].
وكم من إنسان سمع موعظة فأقلع عما هو فيه، وجدد إيمانه ونشاطه، ونبذ الفتور خلفه ظهريا، وصدق الله العظيم: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (2) [سورة الذاريات، الآية: 55].
6 - فقه الواقع
وهو من فروع العلم، ولكن لأهميته وعلاقته المباشرة بهذا الموضوع أفردته تنويها بأثره في علاج الفتور.
ذلك أن إدراك المسلم لواقعه وما يجري فيه، وفقهه لهذا الواقع، بما فيه من مآس، وما يتطلبه من جهود وعمل متواصل، يبعد عنه أي فتور أو تراخٍ إن كان في القلب إيمان وإسلام. فكيف يركن المسلم للدعة وهو يرى أمته يحيط بها الأعداء، ويتنادون من كل حدب وصوب للإجهاز عليها، والعبث في أرضها وخيراتها؟
كيف يتراخى وهو يشاهد بلاد المسلمين مستباحة من قبل اليهود والنصارى، فمن أفغانستان، إلى البوسنة والهرسك، إلى الصومال، وقبل ذلك فلسطين، والفلبين، وأرتيريا، وزنجبار.
هل يمكن لطبيب محترم أن ينام ملء جفونه وهو يرى رجلا مضرجا بدمائه، يحتاج إلى نجدة وإسعاف؟
هل يمكن لجيش جاد يرى العدو على حدود بلده ثم يلهو ويعبث، دون أن يعلن حالة استنفار ومرابطة؟
هل يمكن لعالم رباني أن ينزل بلدا يعيش أهله بين أمية وجهل فينزوي وينطوي، دون أن ينصب نفسه معلما هاديا؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير