فعلى المُعلِّم أن يُسَهِّلَ فيقول: القسم الأول، القسم الثاني، القسم الثالث، وهكذا ...
أو يقول: النوعُ الأولُ، النوعُ الثاني، النوعُ الثالث، وهكذا ...
ومثل ذلك يفعل في المسائل الخلافية فيذكرُ المسألةَ والأقوالَ فيها مُرَتَّبَةً، كأن يقولَ: القولُ الأولُ، ودليلهُ، ووجهُ الاستدلالِ منه. ثم يذكر القولَ الثاني، وهكذا، ثم يذكر الترجيحَ الذي يظهرُ له، وقد لا يكونُ راجحًا عند غيره.
ومن المهم - أيضًا – أن الطالبَ لا ينظرُ للمُعلِّم في الدورات أنه إمامٌ في كل شئ، ولو كان أستاذًا في الجامعة أو غيرها.
لأنه سينصرفُ عن المُعلِّم لو وَجَدَ فيه قصورًا، فلا يستفيدُ عندئذٍ من أحدٍ إلا من أُناسٍ كما وصفهم "الذهبي" بقوله: "كدتُ لا أراهم إلا في كتابٍ، أو تحتَ أطباقِ ترابٍ".
لا تشترطْ في المُعلِّم شرطًا صعبًا، فتنتقد هذا، وتنتقد هذا، المهم في المُعلِّم أن يلقي العلمَ وهو متقٍّ لله - تعالى - فيه، لا ينسبُ لله - جلَّ وعلا - ولا لرسوله ? أو لدينِ الإسلامِ أو للعلمِ الشرعيِّ ما لا يَعْرِفُهُ من كلام أهل العلم، ولا يُدْخِلُ اجتهاداتِه الشخصيةَ في العلم؛ لأَنَّ المقصودَ في الدروسِ العلمية نقلُ العلمِ كما نقله العلماءُ.
والعلمُ في هذه الأمة هو قالَ اللهُ، وقالَ رسولُه، وقال الصحابةُ، وقالَ أهلُ العلم.
فإذًا لا تشترطْ شروطًا صعبةً في المُعلِّم، لئلا تُسِيئَ به الظنَّ فَتُحْرَمَ منه الفائدةَ، ولا تشترطْ فيه أن لا يهفو في مسألةٍ، أو أن لا يخطئ فيها، وبخاصة في الدورات العلمية.
فقد تجد عند الطالب معلومةً لا تكون عند المُعلِّمِ فيستفيد المُعلِّمُ من الطالب.
كان "ابنُ الخشَّابِ الحنبليُّ" يقول: "أنا تلميذُ تلامذتي". هذا صحيح لأَنَّ المعلمَ يستفيد. والطالبَ يستفيد. وهكذا.
فالمُعلِّم المتخرِّج حديثًا الذي يدرِّسُ في وزارة المعارف في المتوسط أو في المدارس الثانوية أو في الكلية، أولُ ما يدرِّس قد يستفيد من الطلاب كثيرًا، ومع طول المدة تقلّ استفادتُه منهم، ويصبح يفيد أكثر مما يستفيد، لأن أمامَه عقولاً تناقشُه فيما يقول فيركِّز و يستعد، لكن قد تأتي مسألةٌ، والذي يحفظه الشيخُ فيها قولٌ مرجوحٌ، أو غيرُ صحيحٍ، أو ليس هو التحقيقَ، وقد يفوته شيء، وقد يغلط في نسبة حديثٍ أو ما أشبه ذلك. والطالبُ قد يعرف الصوابَ في هذه المسألة ...
إذًا فالعلم يُستفاد في الدورات بين المُعلِّم والمتعلم، فلا يترفع المُعلِّمُ عن أن يأخذَ الفائدةَ من الطالب، ولا يستحي الطالب فيمتنع من أن يفيد المُعلِّم، لكن يراجع الطالبُ مُعَلِّمَهُ بأدبٍ وحياءٍ على سبيل الاستفهام.
فإذًا على الطالب أن لا يشترطَ شروطًا يصعبُ وجودُها إلا في الأئمة الأعلام، كأحمدَ بنِ حنبلٍ، أو البخاريِّ، أو ابنِ تيميةَ، وغيرِهم.
? ? ? ? ?
الركن الثالث: المتعلِّم
هو طالبُ العلمِ الذي يحضر الدوراتِ، وله صفاتٌ وخصالٌ وسماتٌ.
نصائحُ لطالبِ العلمِ:
النصيحة الأولى:
الإخلاصُ، بأن يُخْلِصَ الرجاءَ في ربِّه الكريم، فيفتح قلبَه للعلم والاستفادة، والقلبُ تأتيه الشواغلُ والخواطرُ، فبينما هو ينصِتُ إذ يأتيه خاطرٌ يقطعُ عنه الاستفادة يريد أن يجمعَ نفسه فيصعبَ فتختلطَ عليه الفوائدُ فيلغي الأخيرُ الأولَ.
فإذًا لابد من حسنِ اللجوء إلى الله - جلَّ وعلا – والدعاءِ في أن يمنحك الفِقهَ في الدين، والاستفادةَ والصبرَ على العلم، لأن العلم لابدّ له من صبرٍ، وهذا بحاجةٍ إلى الإخلاص والصدق مع الله - جلَّ وعلا – وحسنِ التوجّه؛ لان طلبَ العلم عبادةٌ.
و " .. إنَّ الملائكةَ لَتَضَعُ أجنحَتَها لطالبِ العلمِ رِضىً بما يَصْنَعُ، وإنَّ العالمَ لَيَسْتَغْفِرُ له مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرضِ حتى الحيتانُ في الماءِ .. " ().
وهذه فضيلة عظيمة.
فَأَحْسِنْ – يا طالبَ العلمِ - الظنَّ باللهِ - جل وعلا - واللجوءَ إليه، بأن يفتح الله - جل وعلا - قلبَك للعلمِ، وأن يرسِّخَ العلمَ في قلبك.
? ? ? ? ?
النصيحة الثانية:
إعدادُ العدة، كالقلم والورقِ.
فالقلمُ يتعاهدُه قبلَ الدرس.
وقد ركّز على ذلك " الخطيبُ " في (جامع الجامع)، و "ابنُ عبد البر" في (الجامع لبيانِ العلمِ وفضله) وغيرهما.
ومن القصور أن يحضر الطالبُ، وينسى القلمَ، أو يكون فارغًا من الحبر.
¥