السفر إلى بلاد الكفر لا يجوز؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ومخالطة للكفار وإقامة بين أظهرهم، لكن إذا دعت حاجة ضرورية وغرض صحيح للسفر لبلادهم كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين، أو السفر لتجارة، فهذه أغراض صحيحة يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار بشرط المحافظة على شعائر الإسلام، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين.
أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (2 / سؤال رقم 221).
وقد سبق في موقعنا تقرير هذه المسألة بتفصيل مطول، انظر أجوبة الأسئلة رقم (52845 ( http://www.islamqa.com/ar/cat/index.php?ref=52845&ln=ara) ) و (8919 ( http://www.islamqa.com/ar/cat/index.php?ref=8919&ln=ara) ) و (13342 ( http://www.islamqa.com/ar/cat/index.php?ref=13342&ln=ara) ) .
3. ومما لا شك فيه أن الشريعة تنهى عن السياحة في أماكن الفساد، حيث تُشرب الخمور وتَقَع الفاحشة، وتُرتكب المعصية، مثل شواطئ العري وحفلات المجون وأماكن الفسق، أو السفر لإقامة الاحتفالات في الأعياد المبتدعة، فإن المسلم مأمور بالبعد عن المعصية، فلا يرتكبها ولا يجالس من يقوم بها.
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز السفر إلى أماكن الفساد من أجل السياحة؛ لما في ذلك من الخطر على الدين والأخلاق؛ لأن الشريعة جاءت بسد الوسائل التي تفضي إلى الشر.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26/ 332).
فكيف بالسياحة التي تشجع المعصية والفاحشة، وتنظم لدعمها وتشجيعها؟!.
وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
إذا كانت هذه السياحة مشتملة على تسهيل وتيسير فعل المعاصي والمنكرات والدعوة إليها: فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون عوناً على معصية الله ومخالفة أمره، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26/ 224).
4. أما زيارة آثار الأمم السابقة وأماكنهم: فإن كانت أماكن عذاب، وقع فيها من الخسف أو المسخ أو الإهلاك لهم بسبب كفرهم بالله سبحانه: فلا يجوز حينئذ اتخاذ هذه الأماكن للسياحة والاستجمام.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
يوجد في مدينة (البدع) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال، ويذكر بعض الناس أن هذه مساكن قوم شعيب - عليه السلام -، والسؤال: هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب - عليه السلام -، أم لم يثبت ذلك؟ وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع، ولمن كان قصده الاعتبار والاتعاظ؟.
فأجابوا:
اشتهر عند الإخباريين أن منازل " مَدْين " الذين بعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب، والتي تسمى الآن: (البدع) وما حولها، والله أعلم بحقيقة الحال، وإذا صح ذلك: فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة الاطلاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجر – وهي منازل ثمود - قال: (لاَ تَدْخلُوا مَسَاكِن الذينَ ظَلموا أَنْفسَهم أَنْ يُصيبَكُم مَا أَصَابَهم إِلاَّ أَنْ تكُونوا بَاكِينَ)، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي - رواه البخاري (3200) ومسلم (2980) -.
قال ابن القيم - رحمه الله - في أثناء ذكره للفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك -:
ومنها: أن من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها، ولا يقيم بها، بل يسرع السير، ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً، ومن هذا إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي محسر بين منى ومزدلفة، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه.
" زاد المعاد " (3/ 560).
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرحه الحديث السابق -:
وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم، وإن كان السبب ورد فيهم.
" فتح الباري " (6/ 380).
¥