الحق والدليل؛ وهو مع ذلك يزكي من يزعم: " أنَّ من يقولون أنَّ الأضرحة حرامٌ، ومن الشرك
عندهم هوس؛ ويزعم أنَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوةٌ خارجية خرجت على الدولة
العثمانية، ويزعم أنَّ الصحابة كانوا أشاعرة، ويقول عن نفسه هو صوفي، وأنَّه يرى رسول
الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ثمَّ يقول الذي يزعم أنَّه من أهل السنَّة لايجوز أن يطعن
في الشيخ على جمعة مفتي الديار المصرية؛ لكونه عنده شيءٌ من التصوف، وعنده شيءٌ من
التمشعر؛ هذا خطأ؛ هذا منصبٌ لابد أن يحترم؛ هذا منصبٌ لابدَّ أن يعظم؛ هذا المنصب يعتبر
ولاية شرعية لابدَّ من تعظيمها، وتفخيمها، ولايجوز الطعن فيمن تولَّى هذا المنصب ".
وأقول: إنَّ من يعتقد أنَّ عبادة الأضرحة، والتأليه لأصحاب القبور بدعوتهم من دون الله،
وسؤالهم ما لايطلب إلاَّ من الله من يعتقد أنَّ ذلك ليس بحرام فهو جائزٌ عنده؛ بل يرى أنَّ من يقول
ذلك حرام وشركٌ عنده هوس؛ أي عنده جنون أقول من قال ذلك فهو مثل المشركين؛ الذين بعثت
إليهم الرسل، فقالوا هذه المقالة؛ قال الله عزَّ وجل وهو أصدق القائلين: ? ومن أصدق
من الله حديثا [النساء: 87] ومن أصدق من الله قيلا [النساء: 122] وقال تعالى:
ففروا إلى الله إنِّي لكم منه نذيرٌ مبين ? ولاتجعلوا مع الله إلهاً آخر إنِّي لكم منه نذيرٌ مبين
? كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسولٍ إلاَّ قالوا ساحرٌ أو مجنون ? أتواصوا به بل هم
قومٌ طاغون ? [الذاريات: 50 – 53] وممَّا سقناه في هذه الآيات يتبيَّن أنَّ ما قاله مفتي
مصر علي جمعة إنَّما هو ترديدٌ لمقالات المشركين أعداء الرسل ففي أيِّ ملة أحلت دعوة
غير الله عزَّ وجل، وفي أيِّ كتابٍ نزل إباحة ذلك، وعلى لسان أيِّ رسول، والله تعالى
يقول: ? وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاَّ نوحي إليه أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاعبدون
[الأنبياء: 25] ويقول تعالى: ? ولقد بعثنا في كلِّ أمةٍ رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا
الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ? [النحل: 36] وكيف لايكون
ذلك شركاً، والله تعالى يقول: ? قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍّ من ديني فلا أعبد الذين
تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين ? وأن أقم
وجهك للدين حنيفا ولاتكوننَّ من المشركين ? ولاتدع من دون الله ما لاينفعك ولايضرك فإن
فعلت فإنَّك إذاً من الظالمين ? وإن يمسسك الله بضرٍ فلا كاشف له إلاَّ هو وإن يردك بخيرٍ
فلا رادَّ لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ? [يونس 104 – 107]
وقال تعالى: ? ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به فإنَّما حسابه عند ربه إنَّه لايفلح
الكافرون ? [المؤمنون: 117] وقال تعالى في سورة الزمر من آية 64 – 66: قل
أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ? ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت
ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ? بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ?.
وأقول: يا مفتي مصر هل ما يعمله الناس عند ضريح البدوي، وضريح الحسين المكذوب،
وضريح السيدة زينب، وغيرها من الأضرحة في مصر حلال أم حرام، وهل هو من الشرك
الذي نهى الله عنه في هذه الآيات التي سبرناها أم لا؟.
يا حضرة المفتي تذكَّر أنَّ الله عزَّ وجل قال: ((وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننَّه
للناس ولاتكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا فبئس ما يشترون))
[آل عمران: 187] وأنَّه قال: ? إنَّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما
بيَّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعون ? إلاَّ الذين تابوا وأصلحوا وبيَّنوا
فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ? [آل عمران: 159 – 160] وقد روى مسلمٌ في
صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بني الإسلام
على خمسة على أن يوحدوا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج،
فقال رجلٌ: الحجُّ، وصيام رمضان؟ قال: لا صيام رمضان، والحج؛ هكذا سمعته من رسول
الله صلى الله عليه وسلم)) وفي الحديث الذي بعده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه
¥