وسلم: ((بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله، ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء
الزكاة، وحجِّ البيت، وصوم رمضان)) الحديث رواهما مسلم في بيان أركان الإسلام،
ودعائمه العظام من صحيحه.
وقد يقول قائلٌ: إنَّ الدكتور علي جمعة يحفظ الآيات التي سبرتموها، ويعرف الأحاديث التي
كتبتموها، ولكن لعلَّه يرى " أنَّ ما يعمله الناس عند تلك الأضرحة ليس هو الشرك الذي عناه
الله " وإذا كان الأمر كذلك فليأت من يقول " إنَّ ما يعمله الناس عند تلك الأضرحة ليس هو
الشرك؛ الذي عناه الله " فليأت بالشرك الذي عناه الله في هذه الآيات ليأت لنا ببيان ذلك
من طريق الصحابة الذين عرفوا الشرك الذي عناه الله، وحارب الرسول صلى الله عليه وسلم
أهله، فسفك دمائهم، وأزهق أرواحهم، وسبى نسائهم، وغنم أموالهم؛ أليس هو التعبد لغي
ر الله عزَّ وجل بصرف العبادة له كائناً ما كان سواءً ملكاً مقرَّبا أو نبيا مرسلا، أو جنِّياً أو حجراً
أو ثناًً أو غير ذلك، فكل من صرفت له العبادة دون الله عزَّ وجل من دعاءٍ ورجاءٍ، وخوفٍ،
وخشيةٍ، واستعاذةٍ، واستغاثةٍ، وتوكلٍ، وغير ذلك، فقد اتخذ من صرف العبادة له
إلهاً معبوداً، وهذه كلَّها تُصرَف من كثيرٍ من الناس إلى غير الله، فاتخذوهم آلهةً يدعونهم
لكشف الضر، وجلب النفع، فما هو الشرك إلاَّ هذا، ولمَّا قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه
وسلم ما شاء الله وشئت قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أجعلتني والله عِدلا؛ بل ما
شاء الله وحده)) رواه الإمام أحمد في المسند في ج 1 ص 214 برقم الحديث 1839.
فمن اعتقد أنَّ الشرك الذي يصنع الآن عند القبور في مصر وغيرها من دماءٍ تسفك تقرباً إلى
المقبورين، ونذورٍ تقدَّم إلى سدنتها، ودعاءٍ لأصحابها، وتمرغٍ على ترابها، واستغاثةٍ بأصحابها
من اعتقد أنَّ ذلك ليس بشرك فهو إمَّا مغالطٌ أو جاهل يجب أن يرمي شهادة الدكتوراة التي معه
في البحر، ويتعلم من جديد.
وأمَّا قوله: " أنَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوةٌ خارجية خرجت على الدولة العثمانية،
فأولاً نقول للمفتي يجب أن تكون صادقاً، فالله تعالى يقول: ? يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وكونوا مع الصادقين ? [التوبة: 19] إنَّ الدولة العثمانية لم تستول على نجد، ولم تدخلها
إلاَّ عندحملة إبراهيم باشا بعد وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بسنوات عدَّة.
ثانياً: هذه من المفتي مغالطة يبرر بها عمل الإرهابين؛ وهذا كذب عامله الله فيه بما يستحق؛
جارى فيه جماعة الإخوان المفسدين الذين زعموا أنَّ الخوارج الإرهابيين؛ إنَّما تعلموا التكفير
للمسلمين، والخروج على الولاة من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن الدرر السنية؛ وهذا
كله غير صحيح، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يكفر إلاَّ من كفَّره الله من المشركين الشرك
الأكبر، وأيضاً أنَّه لم يكفر أحداً منهم إلاَّ بعد البيان، وإقامة الحجة، ولكن هؤلاء الظلمة الخونة
الإخوان المفسدون يريدون أن يلصقوا هذه العقيدة الفاسدة، وهذا المروق الجائر بالشيخ محمد
بن عبد الوهاب ودعوته الحقَّة مع أنَّ بصمات البنَّائين، والسروريين، والقطبيين عليها
واضحة، وقد أوضحت ذلك في كتابي الرد المحبر على افتراءات وتلبيسات صاحب المجهر
فقد ألحقت في مؤخَّره دراسات عن جماعة الإخوان المسلمين وكيدهم للمسلمين في الجزيرة
العربية ودول الخليج، ودراسةٌ عنهم استخرجتها من كتاب قافلة الإخوان المسلمون للسيسي.
ولبيان افتراء الإخوان البنَّائين والسرورين، والقطبيين أنقل كلاماً لشيخ الإسلام محمد بن عبد
الوهاب رحمه الله من الدرر السنية في ج1/ 230 ذكر في كلام طويل ما افتراه عليه أعداء دعوة
التوحيد حيث قال: " ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا علم قطعاً أنَّ جميع
ذلك وضعه، وافتراه علينا أعداء الدين، وإخوان الشياطين؛ تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص
التوحيد لله تعالى بالعبادة، وترك أنواع الشرك الذي نصَّ الله عليه بأنَّ الله لايغفره فقال:
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ? فإنَّا نعتقد أنَّ من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق
والزنا، والربا، وشرب الخمر، وتكرر ذلك منه أنَّه لايخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام،
¥