تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنَّ كلَّ طيب حلال، وكلَّ خبيثٍ محرَّم، وخبث الدخان لايتمارى فيه عاقلان، فلذلك فهو

محرم قطعاً؛ لشمول وصف الخبث له، فنحن نقول كلُّ خبيثٍ محرَّم، والدخان خبيث فهو

محرَّم.

ومن ناحية أخرى فإنَّ الله عزَّ وجل حظَّ عباده على حفظ المال، ونهى عن إعطائه للسفهاء،

فقال: ? ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم

وقولوا لهم قولاً معروفاً ? [النساء: 5] ونهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن

إضاعة المال، وإحراق المال منهيٌّ عنه قطعاً؛ فهو أشدُّ من الإتلاف بغير التحريق؛

ولو أنَّ إنساناً اشتغل حتى كسب مالاً، ثمَّ أحرقه خارج جسمه؛ لكان متَّهماً في عقله،

وإحراقه داخل الجسم جمعٌ بين مصيبتين؛ إتلاف المال، وإتلاف الجسم؛ ينضاف إلى

ذلك معصية الله ورسوله لأنَّه مخدرٍ، ومفترٍ، وكلُّ مخدِّرٍ، ومفتِّرٍ حرام؛ فما اجتمعت

فيه هذه الأمور كيف يقال إنَّ حرمته ظنِّية.

ثالثاً: أقول للمفتي هداه الله كلامك هذا يدل على أنَّك تقرُّ إبقاء الخمَّارات، ومواطن الميسر،

ومواقع الدَّعارة؛ فكأنَّك تقول لايتعرض أحدٌ لهذه المناكر؛ بل اتركوها، وأهلها،

ولاتتعرضوا لهم بسوء، وهذا خطأٌ فاحش، ومنعٌ لإنكار المنكر؛ فإن كان المفتي يقصد

الرد على الإرهابيين بأنَّه لايجوز لهم أن يتلفوا محلاَّت المناكر بأنفسهم؛ بل أنَّ الواجب

عليهم أن يرفعوا ذلك إلى الحكومات، ويطلبوا من الحكومة إزالتها، ومنعها؛ فهذا له

وجهٌ من الصحة إلاَّ أنَّه أخطأ في هذا التعبير المعمَّم.

إنَّ واجب الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر حكمٌ مجمعٌ عليه؛ لأنَّ الله عزَّ وجل جعل

الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر ثلثي الدين فقال تعالى: ? كنتم خير أمةٍ أخرجت

للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ? [آل عمران: 110]

أمَّا إن كان المفتي يزعم أنَّا نقول الخمر حرام، وحرمته قطعية؛ لكن لايجوز أن ننكره،

والميسر حرام حرمته قطعية، ولايجوز أن ننكر على أصحابه، والدعارة؛ وهي بيوت

الزنا محرَّمة حرمةً قطعية، ولايجوز أن ننكرها؛ فهذا أمرٌ غريب، وشيءٌ عجيب أتى

به هذا المفتي.

إنَّ واجب الأمر بالمعروف، وإنكار المنكر يفرض علينا أن ننكر هذه المحرمات إنكاراً

علنياً بألسنتنا، ونطالب الدولة مطالبةً جدية بإغلاق دور البغاء، ومواخير الخمر، ودور

الميسر؛ لأنَّ الإسلام يفرض ذلك، ويوجبه فإن أبوا أن يفعلوا برئت ذممننا، ولايجوز لنا

أن نهدم دور البغاء، ومحلاَّت المواخير بأنفسنا؛ لأنَّ الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر

باليد ليس للأفراد بل هو للدول، وللأفراد فيما لهم نفوذٌ عليه كبيوتهم؛ ونقول للدولة إذا

قررتم إباحة بيع الخمر علناً، وأبحتم البغاء علناً في دولتكم فقد ساهمتم في هدم الإسلام،

وتقويضه من أركانه، وفي الحديث: ((كلّ مسكرٍ حرام)) انظر صحيح الجامع برقم 4426

وفي الحديث أيضاً: ((كلُّ مسكرٍ حرام، وإنَّ على الله لعهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه

من طينة الخبال؛ عرق أهل النار)) انظر صحيح الجامع برقم 4427 وفي حديثٍ آخر:

((كلُّ مسكرٍ حرام، وما أسكر منه الفَرَقُ، فملء الكفِّ منه حرام)) انظر صحيح الجامع

برقم 4428 وفي الحديث الآخر: ((كلُّ مسكرٍ خمر، وكلُّ مسكرٍ حرام، ومن شرب الخمر

في الدنيا؛ فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة))

انظر صحيح الجامع برقم 4429.

أمَّا البغاء فحرمته متفقٌ عليها في شرعة الإسلام، وجميع الشرائع لايشكُّ في ذلك أحد،

والله سبحانه وتعالى يقول إخباراً عن قصة مريم حين ولدت بعيسى عليه السلام، وجاءت به:

يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمُّك بغيا ? [مريم: 28] فهذا يدل على

تحريم الزنا في جميع الشرائع.

والمهم أيسكت عن هذه المناكر على ما فيها من الوعيدات، بل وتقرُّ إقرار الشيء المباح،

والله تعالى يقول: ? كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر

وتؤمنون بالله ? ويقول الله عزَّ وجل: ? لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود

وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ? كانوا لايتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس

ما كانوا يفعلون ? وفي الحديث: ((عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير