بالنعمتين إلى غير ذلك؟ والجواب: إنَّ هذا ما هو إلاَّ قولٌ باطل انتحله هذا الرجل؛
هدانا الله وإيِّاه.
وأمَّا اعترافه على نفسه: " أنَّه صوفي، وأنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظةً "
وأقول هذا الادعاء يكفي في إسقاط هذا الرجل، وأنَّه ليس من العلماء، وإنَّما هو صوفيٌّ
خرافي يُصَدِّق الترَّهات الكاذبة، ويكذِّب بالقرآن؛ فالله تعالى يقول: ? وحرامٌ على قريةٍ
أهلكناها أنَّهم لايرجعون ? حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلِّ حدبٍ ينسلون
واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصةٌ أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنَّا في غفلةٍ من هذا
بل كنَّا ظالمين ? الآيات من سورة الأنبياء: 94 – 97 قال ابن كثير رحمه الله: " يقول تعالى:
? وحرامٌ على قريةٍ ? قال ابن عباس: وجب؛ يعني قدِّر أنَّ أهل كلِّ قريةٍ أهلكوا أنَّهم لايرجعون
إلى الدنيا قبل يوم القيامة؛ هكذا صرَّح به ابن عباس، وأبو جعفر الباقر؛ وقتادة، وغير
واحدٍ، وفي روايةٍ عن ابن عباسٍ: ? أنَّهم لايرجعون ? أي لايتوبون، والقول الأول أظهر،
والله أعلم ".
قلت: ولعلَّ الآية عامَّةٌ في القولين، وأنَّ الله كتب، وقدَّر أنَّ من مات لايعود إلى الدنيا قبل يوم
القيامة؛ وأنَّ من كتبت عليه الشقاوة لايتوب، ولايرجع عن كفره؛ وهذا هو الأمر المشاهد؛
الذي لايماري فيه أحدٌ، ولهذا يقول الكفَّار للمؤمنين إذا أخبروهم بأنَّ الله يبعث الناس يوم
القيامة، ويحاسبهم، ويجازيهم، فيقولون: ? فما كان حجتهم إلاَّ أن قالوا ائتوا بآبائنا إن
كنتم صادقين ? [الجاثية: 25] أي أنَّهم مستبعدين لذلك غير مصدقين أنَّ الله يبعث الأموات،
والحقيقة أنّ الله لايعيد أحداً إلى الدنيا بعد الموت إلاَّ ما جعله الله آية كما في قوله تعالى:
أو كالذي مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عروشها قال أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته
الله مائة عامٍ ثمَّ بعثه ? [البقرة: 259] وكأصحاب الكهف، وما أشبه ذلك ممَّا جعله الله آية،
ودلالة على قدرة الله عزَّ وجل، وكذلك قول الله عزَّ وجل: ? حتى إذا جاء أحدهم الموت قال
ربِّ ارجعون ? لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلاَّ إنَّها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى
يوم يبعثون ? [المؤمنون: 99 – 100] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية بعد أن ذكر آياتٍ
كثيرة في سؤال الكافرين، والمفرِّطين؛ الرجعة عند الموت، فلايجابون، فقال رحمه الله:
" فذكر تعالى أنَّهم يسألون الرجعة فلايجابون عند الاحتضار، ويوم النُّشور، ووقت العرض
على الجبَّار، وحين يعرضون على النَّار، وهم في غمرات عذاب الجحيم " اهـ.
قلت: وقد ثبت أنَّ الشهداء يسألون الرجعة بعد الموت؛ ليقاتلوا في سبيل الله، فيقتلوا مرةً
أخرى، وهذا ثابتٌ في السنة بما لامجال للشكِّ فيه، ومما سبرناه يعلم أنَّ من مات لايعود إلى
الدنيا، وأنَّ ما يقوله، ويعتقده أصحاب النحلة الصوفية ما هو إلاَّ كذبٌ، وافتراء؛ فإن رأى
أحدٌ منهم شيئاً؛ فهو الشيطان يتلاعب بهم؛ فإن قيل إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ومن رآني في المنام فقد رآني؛ فإنَّ الشيطان لا يتمثل في صورتي)) متفق عليه، فنقول
هذا صحيحٌ أنَّ الشيطان لايتمثل بصورته صلى الله عليه وسلم ولكن لايمتنع أنَّه يتمثل في
صورة غير صورته، ويقول هو رسول الله، وقد تمثَّل في صورة ملِكٍ له عرشٌ، وعليه تاج،
وقال: إنَّه الله عزَّ وجل؛ كما نقل ذلك ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة.
فإذا كان الشيطان قد لعب على علي جمعة، وتصوَّر له في صورةٍ غير صورة النبي صلى الله
عليه وسلم وقال له: إنَّه رسول الله، وخدعه كما خدع غيره، فلانستبعد ذلك، والله تعالى يقول:
ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألاَّ تعبدوا الشيطان إنَّه لكم عدوٌّ مبين ? وأن اعبدوني هذا صراطٌ
مستقيم ? ولقد أضلَّ منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون ? هذه جهنَّم التي كنتم توعدون
اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ? [يس: 60 – 64] إنَّ النجاة من الشيطان هو في التمسك
بالوحيين كتاب الله، وسنَّة رسوله على فهم السلف الصالح.
وقال مفتي مصر في ص 6 من النشرة التي وصلت إليَّ: " وحرمة التماثيل عند الجمهور
¥