وهذا الذي قاله الرسول ص هو ما قاله نوح قبل ذلك. قال تعالى على لسان نوح:?وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ? (هود:31).< o:p>
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر معن النبي ص قال: «مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله». وهذا الحديث يقرر قوله تعالى: «إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ? (لقمان: 34). < o:p>
وفي صحيح البخاري أيضًا عن عائشة كقالت: من حدثك أن محمدًا صرأى ربه فقد كذب وهو يقول: ?لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ? (الأنعام: 103) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب وهو يقول:? قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ? (النمل: 65) < o:p>
فهذه الآيات والأحاديث ومثلها كثير جدًا قاطع بأنه لا يعلم أحد في السماوات والأرض الغيب إلا الله لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وأنه لا يعلم أحد من هؤلاء الغيب إلا ما أطلعه الله سبحانه عليه، فهاهم الملائكة يخلق الله آدم ولا يعلمون الحكمة من خلقه، ويعرض الله عليهم مسميات معينة ويقول لهم? أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ? (البقرة:31)، فيقولون:?قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ? (البقرة:32)، ويعلم الله آدم النبي الأسماء فيعلمها لهم، وآدم نبي مكلَّم كما جاء في الحديث الشريف.< o:p>
وهؤلاء الأنبياء لا يعلمون الغيب بنص القرآن وبمئات بل بآلاف الوقائع، فإبراهيم ÷لم يعلم بأنه يولد له ولد من زوجته سارة إلا بعد أن جاءته الملائكة، ولقد جاءته الملائكة في صورة بشر فذبح لهم عجلًا وقرّبه إليهم وهو لا يعلم حقيقتهم حتى أعلموه، ولم يكن يعرف مقصدهم حتى أعلموه أنهم ذاهبون لتدمير قرى لوط.< o:p>
وأما لوط فإن الملائكة قد أتوا لإنجائه وإنجاء أهله، ولم يعلم حقيقة أمرهم إلا بعد أن علموه ولم يكن له كشف خاص، ولا علم خاص يستطيع أن يعرف مَن القوم.< o:p>
وأما محمد صفقد حدث له مئات الوقائع التي تدل يقينًا أنه لم يكن يعلم في الغيب إلا ما أعلمه الله إياه. فقد ظن أن جبريل الذي أتاه في الغار شيطان وقال لخديجة: «لقد خِفْتُ على نفسي»، ولم يعرف أنه الملك حتى أتى ورقة بن نوفل فأخبره أن الكلام الذي جاء به يشبه الكلام الذي نزل على الأنبياء من قبله. ولم يدر بخَلَد النبي صأنه سيؤذَى ويخرج من مكة أبدًا علمًا بأن النبي صقد مكث يتعبد في غار حراء سنوات طويلة، وعند الصوفية أن من لف رأسه بخرقه وجلس في مكان مظلم رأى الله، وعرف كل شيء وشاهد الكون أعلاه وأسفله.< o:p>
بل النبي محمد صمكث ثلاث عشرة سنة في مكة لا يعلم أين سيهاجر بعد ذلك، وبعد الهجرة خرج إلى أبي سفيان ففاته واصطدم بجيش المشركين، وجاءه المشركون في المدينة المرة تلو المرة يزعمون أنهم قد آمنوا ويطلبون منه أن يرسل لهم من يعلمهم القرآن فكان يرسل معهم خيرة القراء، فيغدرون بهم في الطريق. فغدر المشركون بأربعين رجلًا من المسلمين مرة واحدة، وسبعة مرة، ولو علم رسول الله ص ما يكون من أمر الله ـ بل لو علم أن هؤلاء الكفرة الأعراب يكذبون عليه ـ لما أسلم لهم أصحابه. < o:p>
وحُبس المسلمونـ ومعهم رسول الله ص ـ يومًا وليلة في مكان ليس فيه ماء؛ لأن عائشة كقد فقدت عقدًا لها، ولو كان هناك كشف صوفي على ما يصوره الصوفية ويزعمونه لعلموا أين عقد عائشة كالذي كان تحت بعيرها ولم يفطن إليه أحد من المسلمين من أصحاب النبيص. < o:p>
¥