تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعالى -أهل الليل في ثواب صلاتهم إلا ما يجدون من اللذة فيها لكان الذي أعطاهم أفضل من صلاتهم [الصلاة والتهجد ص 311].

في ظلمة الليل للعباد أنوار ... منها شموس ومنها فيه أقمار

تسري قلوبهم في ضوئهن إلى ... ذاك المقام ومولاهم لهم جار

تخالهم ويك موتى لا حراك بهم ... وهم مع الله إقبال وإدبار

إن ينطقوا فتلاوات وأذكار ... أو يسكتوا فاعتبار وأفكار

مستيقظين لذي الذكرى فكلهم ... لذا التذكرِ أسماع وأبصار

لم يستثقلوا القيام لأن النفوس راغبة، والنوايا صادقة، والخشية غامرة، " وإذا قوي الباعث وكثرت الرغبة، وعظمت الرهبة، نشطت النفس وخف الجسد، وذل الصعب، وهانت المؤنة " [الصلاة والتهجد ص315].

وإليك الترجمة العملية لذلك فيما قاله رجل لحممة العابد: " ما أفضل عملك؟ فقال: " ما أتتني صلاة قط إلا وأنا مستعد لها ومشتاق إليها، وما انصرفت من صلاة قط إلا كنت إذا انصرفت منها أشوق إليها مني حيث كنت فيها، ولولا أن الفرائض تقطع لأحببت أن أكون ليلي ونهاري قائماً راكعاً ساجداً " [الصلاة والتهجد ص316]، ذلكم هو الشوق والتعلق، وهذا هو الذوق والتعبد، قلوب للعبادة ظامئة، ترتشف ولا ترتوي، تزيد ولا تحيد، نفوس بالذكر متلذذة، تغترف ولا تنصرف، تنصب ولا تتعب، " كان صلة بن أشيم يقوم الليل حتى يفتر فما يجيء إلى فراشه إلا حبواً " [الصلاة والتهجد ص288]، " لأمر ما سهروا ليلهم، ولأمر ما خشعوا نهارهم .. ينتصبون لله على أقدامهم، ويفترشون وجوههم سجداً لربهم، تجري دموعهم على خدودهم فَرَقَاً من ربهم " [مختصر قيام الليل ص63]، قدوتهم سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - وقد خاطبه ربه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً} وناداه مولاه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}، فقام ليله بلا مزيد عليه وسئل عن إتعاب نفسه وقد تورمت قدماه فقال - وما أعظم ما قال -: (أفلا أكون عبداً شكوراً)، ومن هنا جاء وصفهم بلسان الحسن حيث قال: " صحبت أقواماً يبيتون لربهم في سواد هذا الليل سجداً وقياماً، يقومون هذا الليل على أطرافهم، تسيل دموعهم على خدودهم، فمرة ركعاً ومرة سجداً، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، لم يَمَلُوا كلال السهر لما قد خالط قلوبهم من حسن الرجاء في يوم المرجع، فأصبح القوم بما أصابوا من النصب لله في أبدانهم فرحين، وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين، فرحم الله امرءاً نافسهم في مثل هذه الأعمال، ولم يرض من نفسه لنفسه بالتقصير في أمره باليسير من فعله، فإن الدنيا عن أهلها منقطعة، والأعمال على أهلها مردودة " ثم يبكي حتى تبتل لحيته بالدموع [التهجد وقيام الليل ص 340 - 341].

وحالهم يطول وصفه، والسعيد من اقتدى بهم، ولي ولكم أقول: " هكذا كانوا .. فهل نكون؟ ".

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير