[ما أنزل على الملكين ببابل:]
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[24 - 06 - 07, 10:18 م]ـ
[ما أنزل على الملكين ببابل:]
في الألفية الخامسة ق. م كانت بداية الحضارة السومريية في بلاد الرافدين، حيث كون السومريون العبيديون بجنوب العراق ا المدن السومرية الرئيسية كأور عاصمة "بابل" ونيبور ولارسا ولجاش وكولاب وكيش وإيزين وإريدو و أد.
و اشتهرت بابل في ذلك الوقت بممارسة كثير من الطقوس و التعاليم السحرية، ففي تلك الفترة تقريباً ـ على الأظهر ـ أنزل الله الملكين هاروت وماروت بمدينة بابل لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله عز وللتمييز بين السحر والمعجزة، حتى يتبين للناس صدق الرسل و الأنبيا و كذب الدجاجلة و السحرة، و في إنزال السحر على يد الملكين في بابل يقول الله تعالى عن اليهود الذين جاؤوا من بعد نزول الملكين "هاروت و ماروت" بِمُددٍ طويلةٍ:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
و انتشر السحر في بابل منذ أيام السومريين، و بما أنه من المشهور تاريخيا أن السحر بدأ في بلاد فارس في الألف الخامسة قبل الميلاد على يد كاهن يسمى "زورستر" ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم، فالأرجح أن يكون زورستر قد أخذ ذلك عن أهل بابل، إذ ان البابليين السومريين "العبيديين هاجروا الى مرتفعات ايران بسبب الفيضانات السنوية التي كانت تهدد حياتهم ومزروعاتهم ونقلوا معهم تقاليدهم في بناء المنازل. و استمرت 400 سنة حتى انحسرت مياه الفيضان عن جنوب وادي الرافدين.
و في القرن العشرين ق. م، و في عهد الكلدانيين عاش إبراهيم الخليل عليه السلام، و كان السحر قد استشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء و كهنة و سحرة بابل، الذين كانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها، وعملوا أوثاناً على أسمائها، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الرُّقى والعُقَد والنفث فيها، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات.
و قد اتخذت تلك الاساطيرو الخرافات السومرية والبابلية و ما خالطها من الشعبذات و الطلاسم و الممارسات السحرية عدة امتدادات دينية و عرقية خلال مساراتها التاريخية، و للتأمُّل يلاحظ ـ مثلاً ـ أن طقوس التعميد ـ و هي طقوس تنشأ في المجتمعات التي تعيش على ضفاف الأنهار الكبيرة كنهر الغانج في الهند، و كذلك الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ـ قد تسربت إلى كل من الصابئة و اليهود و النصارى مع كثير من الطقوس و التعاليم الطوطمائية عن طريق الثقافة البابلية.
و من تلك الامتدادات التاريخية الشهيرة:
1ـ الامتداد التاريخي من خلال تلك الحضارات المعاصرة أو التالية للحضارة البابلية كالحضارة الفرعونية مثلا و كذلك الفينيقيين و التدمرييين.
2ـ الامتداد المندائي من خلال فرقة الصابئين المندائيين، و التي تسربت عبرها كثير من تلك الطقوس و التعاليم، و إن كان أكثرها ينحصر في عالم الأفلاك و مخاطبة النجوم، و الذي اشتهرت به تلك الطائفة، و قد انتقلت بعض تلك المارسات إلى بعض الطوائف الاسماعيلية.
¥