تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التوبة أخي الحبيب هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً .. وهي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان .. هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط، هي الينبوع الفيّاض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة .. هي ملاك الأمر، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح ... هي أول المنازل وأوسطها وآخرها ... هي بداية العبد ونهايته ... هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه، والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه ... هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكفٌ عن الذنب.

ولماذا نتوب؟

قد تسألني أخي الحبيب: لماذا أترك السيجارة و أنا أجد فيها متعتي؟ .. لماذا أدع مشاهدة الأفلام الخليعة وفيها راحتي؟ .. ولماذا أتمنع عن المعاكسات الهاتفية وفيها بغيتي؟ .. ولماذا أتخلى عن النظر إلى النساء وفيه سعادتي؟ .. لماذا أتقيّد بالصلاة والصيام وأنا لا أحب التقييد والارتباط؟ .. ولماذا ولماذا .. أليس ينبغي على الإنسان فعل ما يسعده ويريحه ويجد فيه سعادته؟ .. فالذي يسعدني هو ما تسميه معصية .. فلِمَ أتوب؟

وقبل أن أجيبك على سؤالك أخي الحبيب لا بد أن تعلم أنني ما أردت إلا سعادتك، وما تمنيت إلا راحتك، وما قصدت إلا الخير والنجاة لك في الدارين ..

والآن أجيبك على سؤالك: تب أخي الحبيب لأن التوبة:

1 - طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى، فهو الذي أمرك بها فقال {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً} [التحريم:8]. وأمر الله ينبغي أن يقابل بالامتثال والطاعة.

2 - سببٌ لفلاحك في الدنيا و الآخرة، قال تعالى {وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]. فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يتلذذ، ولا يُسر ولا يطمئن، ولا يطيب، إلا بعبادة ربه والإنابة إليه والتوبة إليه.

3 - سببٌ لمحبة الله تعالى لك، قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]. وهل هناك سعادة يمكن أن يشعر بها إنسان بعد معرفته أن خالقه ومولاه يحبه إذا تاب إليه؟!

4 - سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً. إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم:59 - 60]. وهل هناك مطلب للإنسان يسعى من أجله إلا الجنة؟!

5 - سبب لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى {وَيقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} [هود:52]، وقال {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً. يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10 - 12].

6 - سبب لتكفير سيئاتك وتبدلها إلى حسنات، قال تعالى {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم:8]، وقال سبحانه {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:70].

أخي الحبيب:

ألا تستحق تلك الفضائل -وغيرها كثير- أن تتوب من أجلها؟ .. لماذا تبخل على نفسك بما فيه سعادتك؟ .. لماذا تظلم نفسك بمعصية الله وتحرمها من الفوز برضاه؟ .. جدير بك أن تبادر إلى ما هذا فضله وتلك ثمرته.

< TABLE id=table14 border=0> قدّم لنفسك توبة مرجوة

قبل الممات وقبل حبس الألسن

بادر بها غُلق النفوس فإنها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير