لا يجوز فتح مدرسة من هذه المدارس في بلد من بلدان المسلمين حتى ولو لم يُسمح لأولاد المسلمين بالدخول فيها؛ لأنها بيوت كفر، يُلَقَّنُ فيها دين غير دين الإسلام، فَيُكْفَرُ فيها بالله تعالى، ولا يجوز لبلد إسلامي فتح بيت يُكفر فيه بالله تعالى أو الإذن به، ولأنها تكون مراكز للدعوة إلى دين وملة غير الإسلام، كتنصير من ليس على ملة الإسلام من أصحاب الملل الأخرى، فتكون مراكز لنقله من كفر إلى كفر في بلد إسلام، وعلى مرأى ومسمع من المسلمين، ولأنها تعطي الملل الكافرة قوة واعتباراً للبقاء على كفرهم، وسابقة لتوسع الكفرة في مطالبهم بفتح معابد لهم كالكنائس، ولأنها تخالف ما جرى عليه عمل المسلمين من الشروط على الذميين ونحوهم، كما في كتاب الشروط العمرية وغيره. والله المستعان.
ثامناً: تحريم فتحها في جزيرة العرب والمناشدة بإلغائها:
أحكام هذا الفصل تَعُمُّ كل مسلم، وتَشْمُلُ كل بلد إسلامي، لكنها تتأكد في حق: "جزيرة العرب" وفي حق من أضيفت إليهم: "عربها"؛ لما للجزيرة من المزايا التي اقتضت تفضيلها على جميع بلدان العالم الإسلامي، تجمع مزاياها: الذاتية، وعمق الجذور الإسلامية التي لا ينافسها فيها أي بلد في العالم، وهذا لِحِكَم يريدها الله –سبحانه- فإنها حرم الإسلام، وقاعدته، وعاصمته الأولى والأخيرة وهي مأرز الإيمان، ومتنزل القُرآن، ودار السنة والقدوة، ودار نبي الإسلام، وعَرين صحابته الكرام، وقبلة المسلمين، ودار حجهم وعُمرتهم، ولا يجتمع فيها دينان، ولا مجال فيها للمبادئ الهدامة.
وأهلها هم أصل العرب ومادة الإسلام، فارتبطت الجزيرة بهم وارتبطوا بها، فهي بحق أرضاً وأهلاً دار القيادة والتوجيه والإشراف والمركز الرئيس للعالم الإسلامي، وحصن الدعوة إلى الله، والمحافظة على حدوده وحرماته.
لهذا يجب أن تبقى داراً وأهلاً متمتعة بالأصالة وصفاء التوحيد، وحسن الأسوة، والاستقلال، والاكتفاء الذاتي، وأن ترفض التبعية والتقليد ونفوذ الوفادات الأجنبية عليها فلا مجال فيها لما ينابذها.
ومن هذا: "التعليم" فهو لباس من ألبسة التقوى فلا تُكْسَى الجزيرة بخاصة ولا أهل الإسلام بعامة بلباس تعليمي ينكث التقوى ويوهن الإسلام.
فحرامٌ ثم حرامٌ فتح المدارس الأجنبية "المدارس الاستعمارية" العالمية، مدارس الذين كفروا في دار الإسلام وحَرَمِهِ: قلب جزيرة العرب، وحرام ثم حرام على أي مسلم إدخال أولاده ومن تحت يده فيها، ويجب على من ولاه الله الأمر رفع هذه المصيبة عن المسلمين، وستكون من أعظم أياديه على المسلمين في مسيرة جهوده الإسلامية العظيمة.
تاسعاً: وجوب تواصي المسلمين بالتحذير منها:
يا أهل الإسلام: احذروا هذه المدارس الاستعمارية العالمية، واحفظوا ذراريكم منها؛ لما فيها من أسباب الردة والفساد، والفسوق والعصيان، وانصحوا بالحذر منها أقاربكم وإخوانكم من المسلمين ولكم عبرة فيما حصل من آثارها السيئة في العالم الإسلامي، والسعيد من وُعِظَ بغيره.
عاشراً: واجب العلماء المسلمين مواصلة البيان بإنكارها:
يا علماء المسلمين: تابعوا النُّصح والبيان، إثْرَ النصيحة والبيان عن هذه المدارس المظلمة وحذِّروا المسلمين من سوء عاقبتها، واحملوهم على الحق والتواصي به والصبر عليه. قال الله عز شأنه: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
هذه نصيحتي وغاية جُهدي، والحمد لله رب العالمين.
المؤلف
بكر بن عبدالله أبو زيد آل غيهب
) اهـ
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل