ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[09 - 10 - 08, 11:03 م]ـ
(صاحب الرغيف الثالث)
روى ابن الأعرابي في معجمه:
أن عيسى - عليه السلام - خرج مع رجلٍ، وكان معه ثلاثة أرغفة،
فقال: رغيف لي، ورغيف لك.
ثم أن عيسى - عليه السلام - نام، فاستيقظ فلم يجد الرغيف الثالث،
فقال لصاحبه: أين الرغيف الثالث؟
قال: والله ما كانا إلى رغيفين!!
فدعا عيسى - عليه السلام - غزالاً؛
فذبحه وشواه وأكلاه، ولم يبقيا منه إلا العظام،
فدعاه عيسى - عليه السلام - فقام غزالاً بإذن الله!!
قال: سألتك بالذي أحيا هذا الغزال من الذي أكل الرغيف؟
قال: والله ما كانا إلا رغيفين!!
فأخذه بيده ومشوا، فمر نبي الله عيسى على نهر، فأخذه عيسى من يده يجره؛ ليعبر به على سطح الماء، فتأخر الرجل، فقال له: هيا.
فعبر به نبي الله عيسى على سطح الماء حتى الشاطئ الآخر!!
فقال الرجل: سبحان الله! يمشي على الماء!
فقال له: بحق الذي أراك هذه المعجزة من صاحب الرغيف الثالث؟
فقال له: والله ما كانا إلا رغيفين!!
فانطلقا، فوجدا ثلاثة أجبل من رمل فحولها عيسى - عليه السلام - إلى ذهب، وقال:
الكوم الأول من الذهب لي، والكوم الثاني لك، والكوم الثالث لمن أكل الرغيف!!
فقال الرجل: أنا الذي أكلت الرغيف!!
فقال له نبي الله عيسى: كلها لك، ولكن هذا فراق بيني وبينك، لا خير في صحبتك. وتركه.
فمر عليه ثلاثة من قطاع الطرق، فلما رأوا الثلاثة الأكوام من الذهب ذهبت عقولهم؛ فقتلوه.
ثم قال أحدهم: فليذهب أحدنا ويحضر لنا طعاماً كي نأكل، ثم نهرب.
فذهب رجل منهم ليحضر لهم طعاماً، فقال لنفسه:
لماذا لا تصنع سماً في الطعام، فتقضي على صاحبيك، وتأخذ الثلاثة الأكوام وحدك، دون أن يعلم أحد بالخبر؟!
وفي نفس اللحظة صاحباه الآخران يقولان: بدلاً من أن نقسم الأكوام على ثلاثة، لم لا نقتله ونقسم الثلاثة على اثنين؟!
فجاء صاحبهما بالطعام المسموم،
فانقضا عليه؛ فقتلاه،
وجلسا يأكلان الطعام فماتا!!
فعاد عيسى عليه السلام إلى المكان،
فوجد أكوام الذهب في مكانها،
ووجد صاحبه وإلى جواره ثلاثة من الرجال صرعى؛
فبكى نبي الله عيسى وقال:
هكذا تفعل الدنيا بأهلها!!
ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[10 - 10 - 08, 05:26 م]ـ
قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة - رحمه الله -:
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ أَبَا مُوسَى الْوَفَاةُ، قَالَ:
يَا بَنِيَّ، اُذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ!!
قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ سَبْعِينَ سَنَةً، لاَ يَنْزِلُ إِلاَّ فِي يَوْمِ أَحَدٍ.
فَنَزَلَ فِي يَوْمِ أَحَدٍ.
فَشُبِّهَ، أَوْ شَبَّ الشَّيْطَانُ فِي عَيْنِهِ امْرَأَةً، فَكَانَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَالٍ.
ثُمَّ كُشِفَ عَنِ الرَّجُلِ غِطَاؤُهُ فَخَرَجَ تَائِبًا، فَكَانَ كُلَّمَا خَطَا خُطْوَةً صَلَّى وَسَجَدَ.
فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى دُكَّانٍ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ مِسْكِينًا، فَأَدْرَكَهُ الإِعْيَاءَ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ.
وَكَانَ ثَمَّ رَاهِبٌ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بِأَرْغِفَةٍ، فَيُعْطِي كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، فَجَاءَ صَاحِبُ الرَّغِيفِ فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا،
وَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي خَرَجَ تَائِبًا، فَظَنَّ أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَأَعْطَاهُ رَغِيفًا،
فَقَالَ الْمَتْرُوكُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفِ: مَا لَكَ لَمْ تُعْطِنِي رَغِيفِي؟ مَا كَانَ إِلَيَّ عَنْهُ غِنًى.
قَالَ: تُرَانِي أُمْسِكُهُ عَنْك؟
سَلْ: هَلْ أَعْطَيْتُ أَحَدًا مِنْكُمْ رَغِيفَيْنِ؟
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: إِنِّي أَمْسِكُ عَنْك، وَاللهِ لاَ أُعْطِيك شَيْئًا اللَّيْلَةَ.
قَالَ: فَعَمَدَ التَّائِبُ إِلَى الرَّغِيفِ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُرِكَ.
فَأَصْبَحَ التَّائِبُ مَيِّتًا!!
قَالَ: فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةً بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي فَلَمْ تَزِنْ.
قَالَ: فَوُزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي؛ فَرَجَحَ الرَّغِيفُ.
فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا بَنِيَّ اُذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ.
ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[11 - 10 - 08, 01:28 ص]ـ
من أعظم مشاهد الخوف من رد العمل ...
الإمام الماوردي صاحب التصانيف الحسان في فنون عدة،
كـ (الحاوي الكبير) في الفقه،
و (النكت والعيون) في التفسير،
و (الأحكام السلطانية)،
و (أدب الدنيا والدين) ...
«لم يُظهر شيئاً من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلما دنت وفاته، قال لمن يثق به:
الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نية خالصة،
فإذا عاينت الموت، ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي،
فإذا قبضت عليها وعصرتها، فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى تلك الكتب وألقها في دجلة،
وإن بسطت يدي، فاعلم أنها قبلت.
قال الرجل: فلما احتُضر، وضعت يدي في يده، فبسطها، فأظهرت كتبه.
¥