قُبِل المهر ... وزُفَّت العروس
ـ[أبو مهند الشمري]ــــــــ[24 - 07 - 07, 12:00 ص]ـ
روي أنه كان في البصرة نساءٌ عابدات، و كانت منهن أم إبراهيم الهاشمية، فأغار العدو على ثغرٍ من ثغور المسلمين، فانتدب الناس للجهاد، فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيباً، فحظّهم على الجهاد، و كانت أم إبراهيم هذه حاضرةً في مجلسه، و تمادى عبد الواحد في كلامه، ثم وصف حور العين و ذكر ما قيل فيهن، و أنشد في وصف حوراء:
غادة ذات دلالٍ و مرح ... يجد الناعت فيها ما اقترحْ
خُلِقَت من كل شيء حسنٍ ... طيّبٍ، فاللَّيت فيها مطَّرحْ
زانها الله بوجهٍ جمعت ... فيه أوصافٌ غريباتُ الُملَح
ْ و بعينٍ كحلها من غنجها ... و بخدٍ مسكه فيه رَشَحْ
ناعمٌ تجري على صفحته ... نضرةُ المُلك و لألاءُ الفرحْ
فماج الناس بعضهم في بعض، و اضطرب المجلس، فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس، وقالت لعبد الواحد: " يا أبا عبيد، ألست تعرف ولدي إبراهيم، و رؤساء أهل البصرة يخطبونه على بناتهم، و أنا أضن به عليهم، فقد و الله أعجبتني هذه الجارية، و أنا أرضاها عروسا لولدي، فكرر ما ذكرت من حسنها و جمالها " ..
فأخذ عبد الواحد في وصف الحوراء، ثم أنشد:
تولًّد نورُ النور من نور وجهها ... فمازج طيب الطّيبِ من خالص العطرِ
فلو وطئت بالنعل منها على الحصى ... لأعشبت الأقطار من غير ما قَطْرِ
و لو شئتَ عَقْدُ الخِصْرِ منها عقدتُه ... كغصنٍ من الريحان ذي ورقٍ خضرِ
و لو تفلتْ في البحر شهدَ رضابَها ... لطاب لأهل البَّر شربٌ من البحرِ
فاضطرب الناس أكثر، فوثبت أم إبراهيم، و قالت لعبد الواحد: " يا أبا عبيد، قد و الله أعجبتني هذه الجارية و أنا أرضاها عروساً لولدي، فهل لك أن تزوّجه منها، و تأخذ مني مهرها عشرة آلاف دينار، و يخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله يرزقه الشهادة، فيكون شفيعا لي و لأبيه يوم القيامة؟ " ..
فقال لها عبد الواحد: " لئن فعلتِ، لتفوزنّ أنتِ و ولدكِ و أبو ولدكِ فوزاً عظيماً ". فنادت ولدها: " يا إبراهيم "، فوثب من وسط الناس، و قال لها: " لبيك يا أماه "، قالت: " أي بني، أرضيتَ بهذه الجارية زوجةً لك، ببذل مهجتكَ في سبيل الله، و تركِ العود من الذنوب؟ "
فقال الفتى: " إي و الله يا أماه .. رضيتُ أي رضى "، فقالت: " اللهم إني أشهدك أني زوجت ولدي بهذه الجارية، ببذل مهجته في سبيلكَ، و تركِ العود في الذنوب، فتقبله مني يا أرحم الراحمين ".
ثم انصرفتْ، فجاءت بعشرةِ آلافِ دينار، و قالت: " يا أبا عبيد، هذا مهر الجارية تجهّزْ به و جهّزِ الغزاةَ في سبيل الله "، و انصرفتْ فاشترتْ لولدها فرساً جيداً و استجادتْ له سلاحاً، فلما خرج إبراهيم يعدو و القراء حوله يقرءون: " إِنَّ الله اشتَرَى مِنَ الُمؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ بَأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ "، فلما أرادت أم إبراهيم فراقَ ولدِها، دفعتْ إليه كفناً و حنوطاً، و قالت له: أي بني، إذا أردت لقاءَ العدو فتكفّنْ بهذا الكَفَن، و تحنًّطً بهذا الحنوط، و إياك أن يراك الله مقصراً في سبيله، ثم ضمَّتْه إلى صدرها و قبَّلَتْ ما بين عينيه و قالت: يا بني، لا جمع الله بيني و بينك إلا بين يديه في عرصاتِ يوم القيامة!!
قال عبد الواحد: فلما بلغنا بلاد العدو، و برز الناس للقتال، برز إبراهيمُ في المقدمة فقتل من العدوِّ خلقاً كثيراً، ثم اجتمعوا عليه فقتلوه ..
فلما أردنا الرجوعَ إلى البصرة، قلت لأصحابي: " لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها حتى ألقاها بحسن العزاء، لئلا تجزعْ فيذهب أجرها " ..
قال فلما وصلنا البصرة خرج الناس يتلقوننا، و خرجت أم إبراهيم فيمن خرج، فلما أبصرتْني قالت: " يا أبا عبيد، هل قُبِلَتْ مني هديتي فَأُهَنَّأ، أم رُدَّتْ عَلَيَّ فَأُعَزَّى؟ " .. فقلتُ لها: " قد قُبِلَتْ و الله هديتكِ، إن إبراهيم حي مع الشهداء - إن شاء الله - "، فخرَّتْ ساجدةً لله شكراً، و قالت: " الحمد لله الذي لم يخيِّب ظني، وتَقَبَّلَ نُسُكي مِنِّي " .. و انصرفت ..
فلما كان من الغد أتت المسجد، فقالت: " السلام عليكَ يا أبا عبيد، بُشراكَ .. بُشراكَ "، فقال: " لا زلتِ مبشِّرَةً بخير "، فقالت: " رأيتُ البارحةَ ولدي إبراهيم في روضةٍ حسناءَ، و عليه جبةٌ خضراءَ، و هو على سريرٍ من لؤلؤٍ، و على رأسه إكليلٌ، و هو يقول لي:
" يا أمَّاه .. أبشري ..
فقد قُبِلَ المَهْرُ ..
وَ زُفَّتِ العروس " ..
ـ[أبو بكر البيلى]ــــــــ[24 - 07 - 07, 11:36 ص]ـ
اللهم إني أسألك زوجةً خيرٌ من زوجةِ إبراهيمَ ابن أم إبراهيم الهاشمية ,
لي ولأخي / أبي مهند ... ولمن قرأ مشاركتي.
آآآآآآآآآآآمييييييييين ....