تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعمة الله عليه بأن أحياه بعد نومه الذي هو أخو الموت وأعاده إلى حاله سويا سليما محفوظا مما لا يعلمه ولا يخطر بباله من المؤذيات أو الأذى والتي هو غرض وهدف لسهامها كلها تقصده بالهلاك أو الأذى والتي من بعضها شياطين الإنس والجن فإنها تلتقي بروحه إذا نام فتصد إهلاكه وأذاه فلولا أن الله سبحانه يدفع عنه لما سلم هذا ويلقي الروح في تلك الغيبة من أنواع الأذى والمخاوف والمكاره والتفريعات ومحاربة الأعداء والتشويش والتخبيط بسبب ملابستها لتلك الأرواح فمن الناس من يشعر إذا استيقظ من الوحشة والخوف والفزع والوجع الروحي الذي ربما غلب حتى سرى إلى البدن ومن الناس من تكون روحه أغلظ وأكثف وأقسى من أن تشعر بذلك فهي مثخنة بالجراح مزمنة بالأمراض ولكن لنومها لا تحس بذلك هذا وكم من مريد لإهلاك جسمه من الهوام وغيرها وقد حفظه منه فهي في أحجارها محبوسة عنه لو خليت وطبعها لأهلكته فمن ذا الذي كلأه وحرسه وقد غاب عنه حسه وعلمه وسمعه وبصره فلو جاءه البلاء من أي مكان جاء لم يشعر به ولهذا ذكر سبحانه عباده هذه النعمة وعدها عليهم من جملة نعمه فقال من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون فإذا تصور العبد ذلك فقال الحمد لله كان حمده أبلغ وأكمل من حمد الغافل عن ذلك ثم تفكر في أن الذي أعاده بعد هذه الإماته حيا سليما قادرا على أن يعيده بعد موتته الكبرى حيا كما كان ولهذا يقول بعدها وإليه النشور ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكب ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم يدعو ويتضرع ثم يقوم إلى الوضوء بقلب حاضر مستصحب لما فيه ثم يصلي ما كتب الله صلاة محب ناصح لمحبوبه متذلل منكسر بين يديه لا صلاة مدل بها عليه يرى من أعظم نعم محبوبه عليه أن أقامه وأنام غيره واستزاره وطرد غيره وأهله وحرم غيره فهو يزداد بذلك محبة إلى محبته ويرى أن قرة عينه وحياة قلبه وجنة روحه ونعيمه ولذته سروره في تلك الصلاة فهو يتمنى طول ليله ويهتم بطلوع الفجر كما يتمنى المحب الفائز بوصل محبوبه ذلك فهو كما قيل

يود أن ظلام الليل دام له ... وزيد فيه سواد القلب والبصر

فهو يتملق فيها مولاه تملق المحب لمحبوبه العزيز الرحيم ويناجيه بكلامه معطيا لكل آية حظها من العبودية فتجذب قلبه وروحه إليه آيات المحبة والوداد والآيات التي فيها الأسماء والصفات والآيات التي تعرف بها إلى عباده بآلائه وإنعامه عليهم وإحسانه إليهم وتطيب له السير آيات الرجاء والرحمة وسعة البر والمغفرة فتكون له بمنزلة الحادي الذي يطيب له السير ويهونه وتقلقه آيات الخوف والعدل والانتقام وإحلال غضبه بالمعرضين عنه العادلين به غيره المائلين إلى سواه فيجمعه عليه ويمنعه أن يشرد قلبه عنه فتأمل هذه الثلاثة وتفقه فيها والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وبالجملة فيشاهد المتكلم سبحانه وقد تجلى في كلامه ويعطي كل آية حظها من عبودية قلبه الخاصة الزائدة على نفس فهمها ومعرفة المراد منها ثم شأن آخر لو فطن له العبد لعلم أنه كان قبل يلعب كما قيل

وكنت أرى أن قد تناهى بي الهوى ... إلى غاية ما بعدها لي مذهب

فلما تلاقينا وعاينت حسنها ... تيقنت أني إنما كنت ألعب

فوا أسفاه وواحسرتاه كيف ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة وخرج من الدنيا كما دخل إليها وما ذاق أطيب ما فيها بل عاش فيها عيش البهائم وانتقل منها انتقال المفاليس فكانت حياته عجزا وموته كمدا ومعاده حسرة وأسفا اللهم فلك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك فصل فإذا صلى ما كتب الله جلس مطرقا بين يدي ربه هيبة له وإجلالا واستغفره استغفار من قد تيقن أنه هالك إن لم يغفر له ويرحمه فإذا قضى من الاستغفار وطرا وكان عليه بعد ليل اضطجع على شقه الأيمن مجما نفسه مريحا لها مقويا على أداء وظيفة الفرض فيستقبله نشيطا بجده وهمته كأنه لم يزل طول ليلته لم يعمل شيئا فهو يريد أن يستدرك ما فاته في صلاة الفجر فيصلي السنة ويبتهل إلى الله بينها وبين الفريضة فإن لذلك الوقت شأنا يعرفه من عرفه ويكثر فيه من قول يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت فلهذا الذكر في هذا الموطن تأثير عجيب ثم ينهض إلى صلاة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير