تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يصلحون أن يكونوا طلبة علم بوضعهم الحالي، فطلب العلم يحتاج إلى جهد كبير، ووقت عظيم، ولا يمكن لإنسان يداوم من الساعة السابعة صباحاً إلى الرابعة عصراً أن ينجح في طلب العلم، ويكون طالب علم قوي، إلا ندرة من الناس عندهم استعدادات غير طبيعية، وهؤلاء الأشخاص ليسوا موضع البحث الآن. لكن الذي نريد أن نقوله: إن الذي يظن أن هؤلاء العمال والأطباء والمهندسين يمكن أن يكونوا طلبة علم جيدين إنسان مخطئ، ومتفائل تفاؤلاً خاطئاً، والذي يظن أن الأطباء والمهندسين لا يمكن أن يخرج منهم طلبة علم جيدين، فهو مخطئ أيضاً لأن الناس طاقات. ثم يجب أن نقرر أن الاتجاه ليكون الإٍنسان عالماً، هذا يكون لندرة من الناس الذين يكونون علماء .. من الذي تتوفر عنده الهمة والداعي والحافز والحفظ والتقوى والفطنة والذكاء وسعة البال، لكي يحفظ ويُقبل ويُفكر ويستنبط ويرجح، وفي النهاية الذي يستطيع أن يصل إلى هذه المرتبة؟ هم قلة من الناس، لكن هذا لا يمنع من المحاولة لمن وجد في نفسه الأهلية للطلب الجيد.

حاجة المسلمين إلى تخصصات كثيرة:

لابد أن نقول: إننا لا نريد من جميع المسلمين أن يكونوا طلبة علم أقوياء أو يكونوا علماء، لأننا نحتاج إلى أطباء ومهندسين وعمال وصناع، ونحتاج إلى خبراء في الجهاد والسلاح، فالمسلمون يحتاجون إلى تخصصات كثيرة، فليس المقصود الآن هو دفع المسلمين كلهم لأن يكونوا طلبة علم أو علماء. وإنما لابد أن نركز على قضية، وهي: أن فئات المسلمين مهما اختلفت، وأفراد المسلمين مهما اختلفوا، فلابد أن يكون عندهم حد أدنى، ولابد أن يعرفوا أشياء أساسية عن الإسلام، هذا دينهم الذي يدينون الله به، وهذه عباداتهم التي يعبدون الله بها، فلابد أن يكون عندهم علم عن الأساسيات. وهذا الكلام مهم لبعض الناس الذين يشتتون أنفسهم في التخصصات الشرعية وغير الشرعية، فلا يحسنون في هذا ولا في هذا، لأن التخصص غير الشرعي يحتاج إلى متابعة، وتنمية مهارات، واطلاع، ويحتاج إلى معرفة ما جد فيه من قراءة الدوريات والأبحاث الجديدة، مثل أدوية جديدة، وطرق جديدة في الصناعة، فهل يستطيع أن يجمع بين هذه الأشياء وما استجد فيها، وبين العلوم الشرعية التي هي بحر زخار؟ لاشك أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا ندرة من الناس، وهذه قضية واقعية، وهذا الواقع يفرض نفسه، ويجب ألا يغيب عن بالنا.

التفريق بين المتخصص وغير المتخصص في طلب العلم:

هناك نقطة أخرى ألا وهي: التفريق بين المتخصص وغير المتخصص، هناك أناس اتجهوا للعلم منذ نعومة أظفارهم، ودرسوا في المعاهد العلمية ثم الكليات الشرعية مثلاً، هؤلاء أناس أهليتهم لطلب العلم وتمكنهم أكثر من أناس درسوا في الثانويات العلمية تخصص علمي، ودخلوا جامعة علمية في علمٍ من العلوم الدنيوية، هؤلاء لاشك أنهم سيكونون أقل استطاعة وأقل قدرة على أن يكونوا طلبة علم أقوياء، ليس في ذلك شك ولا جدال وهذه قضية مفروغ منها، لكن لا يمنع ذلك أن يجتهد الجميع في تحصيل ما يمكنهم من العلم. إنما الفرق الذي سيظهر في الجدول في المنهج الذي سيسلكه المتفرغ وغير المتفرغ، المتخصص في التخصصات الشرعية الحريص، وبين غير المتخصص الذي لا يمكنه، الفرق سيكون في الاتجاه في درجة الطلب والآلات المستخدمة، وهنا سيكون هناك فرق كبير في هذا. ولذلك نضيف أيضاً فنقول: أن طلب العلم ليس حكراً على أصحاب التخصصات الشرعية، فليس طلب العلم حكراً على أصحاب كليات الشريعة أو أصول الدين .. ونحو ذلك، وإنما هو مفتوح لكل من كان عنده أهلية طلب العلم بطريقه الصحيح ومنهجه السوي. ونريد من وراء هذا الكلام أن نصل إلى أن العلم الشرعي ليس فوضى يتطفل عليه من شاء، فيأتي فلكي ويدخل في العلم الشرعي، ويرجح بين أقوال المفسرين، وهذا ما وجدناه عند كثيرٍ ممن اشتغلوا بقضية الإعجاز العلمي اشتغالاً فارغاً منحرفاً، وهم ما عندهم علم بلغة العرب، ولا بأساليب العرب، ولا بقواعد التفسير، ولا بكلام العلماء، ثم يدخلون في الآيات ويقولون: الراجح فيها كذا، هذا كشف العلم عنه الآن، فيا ويلهم! مما يريدون أن يوقعوا فيه الأمة، ويقعوا هم على رءوسهم. فمجال العلم الشرعي مجال ضخم عميق، هذا دين من عند رب العالمين، لا هو فيزياء ولا كيمياء ولا طب ولا تجارب بشرية، هذا دين، والذي يريد أن يدخل في هذا الدين لابد أن يكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير