تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعض النفوس تمل، لا يمكن أن تقول: اجلس سنتين إلى أن تنهي مثلاً متن في اللغة، أو متن في الأصول، أنا أجلس سنتين في الأصول، دائماً أصول .. يصاب بالملل، فالطريقة تعتمد على الأحوال، وتختلف باختلاف الأحوال، الناس فيهم الملول وفيهم الصبور، وهذا بالنسبة لقضية تنوع الفنون في الطلب في وقت واحد، ولكن هناك أولويات.

الاعتناء بعلوم الآلة:

ومن الأمور المهمة في الأولويات: الاعتناء بعلوم الآلة، وهي العلوم التي يتوصل بها إلى فهم الشريعة، وسائل وأدوات ليست غاية في نفسها، لكنها وسيلة لفهم القرآن والسنة، مثل: اللغة العربية، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، وقواعد التفسير، وعلوم البلاغة والمعاني والبيان، هذه علوم الآلة. وعلوم الآلة لها مختصرات ومتون جمعها العلماء، فمثلاً: لو أخذت في اللغة العربية، ستجد مثلاً ملحة الإعراب، أو الآجرومية هذه من أشهر الأشياء التي يبدأ بها في اللغة. وإذا جئت إلى الحديث ستجد مثلاً نخبة الفكر أو البيقونية، لو جئت إلى الأصول ستجد مثلاً متن الورقات وهناك بعض الكتب جمعت هذه المتون، وطبع بعضها حديثاً، و قد جمع السيوطي رحمه الله متوناً كثيرة في كتاب النُقاية، وشرحه في كتاب الوقاية لقراء النُقاية، لكن هذا مطبوع على هامش كتاب مفتاح العلوم للسكاكي، والعقيدة فيها أيضاً أشياء في البداية. في بعض البلدان مثل اليمن متونهم في الآلة تختلف عن الجزيرة و المغرب، فإذا أخذت حلقة من حلق العلم الموجودة عند العلماء في هذه الجزيرة مثلاً، لوجدت أنهم يهتمون في البداية بمختصر آداب المشي إلى الصلاة في الفقه، و الأربعين النووية في الحديث، و الأصول الثلاثة في العقيدة، ثم كتاب التوحيد، وأيضاً في الفقه يبدءون بعمدة الفقه لابن قدامة، وفي أحاديث الأحكام يبدءون بعمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي، وفي الفرائض يبدءون بالرحبية، وفي اللغة العربية يبدءون بالآجرومية .. وهكذا، فهذا ملخص جدول لحلقة من حلق طلاب العلم المتخصصين في العلم في الجزيرة. وإذا أتقن طالب العلم في البداية هذه الأشياء .. الأصول الثلاثة، و الأربعين النووية حفظاً وشرحاً، و كتاب التوحيد، و عمدة الأحكام في أحاديث الأحكام، و عمدة الفقه في الفقه، و الآجرومية في اللغة، و الرحبية، و الورقات في أصول الفقه، فهذا قد أسس نفسه واستعد للانطلاقة الكبرى، هذا فعلاً طالب علم في بداية طريقه التي يشقها بثبات، ويسير فيها بقوة.

الأخذ من كل علم بنصيب:

ومن الأشياء المهمة أيضاً في المنهج: الأخذ من كل علم بنصيب دون نسيان العلوم الأخرى، كما تقول الحكمة: خذ من كل شيءٍ شيئاً، وخذ كل شيء عن شيء، ومعناها: حاول أن تأخذ معلومات في كل فن من الفنون، ثم الفن الذي تجد فيه رغبة وانشراح صدر، وهواية وقدرة. خذ من كل شيء شيئاً: أساسيات كل علم وفن، أي: إذا وجدت نفسك فيه متمكناً، أو عندك فيه رغبة، ومن شيء كل شيء ثم تخصص، وهذه من أعظم القواعد في المنهج، تأخذ أساسيات كل فن، ثم الفن الذي تجد نفسك فيه قادراً تبحر فيه. بعض الناس يتخصصون في فن وينسون كل شيء، مثلاً: الآن بعض الناس يقول لك: والله أنا لا أفهم إلا في هذا الشيء، لا تسألني عن شيء آخر، وهذا موجود، وبعضهم إذا تعلم شيئاً وتخصص في العلوم الدنيوية ينسى الأشياء الأولى، لا يفهم الآن إلا في الشيء الذي تخصص فيه، وهذا خطأ، ولم تكن هذه طريقة علمائنا أنهم يتخصصون في شيء معين، أو ليس عنده فيه أساسيات في غيره، أو أنه يتخصص في شيء وينسى الأساسيات، هذه من القضايا التي طرأت الآن على طريقة التعليم، وهذه طريقة خاطئة موجودة الآن حتى في التخصصات الدنيوية، فلو أن شخصاً متبحراً في جزئية معينة، ولا يفهم أي شيء من الأشياء الأخرى أبداً، يكون أضل من بعيره فيها. وقال ابن الجوزي معبراً عن حال هؤلاء الأشخاص الذين يتخصصون في فروعٍ معينة، وينسون الأشياء ولا يأخذون بالبدائيات والأساسيات في العلوم الأخرى، قال: ولقد أدركنا في زماننا من قرأ من اللغة أحمالاً -اللغة العربية ما شاء الله- فحضر بعض المتفقهة -حضر عنده طالب علم صغير- فسأله عن الحديث المعروف (لو طعنت في فخذها أجزأك) فقال اللغوي: هذا محمول على المبالغة، فقال له الصبي: أليس هذا في ذكاة غير المقدور عليه؟ ففكر الشيخ ساعة، ثم قال: صدقت. أي: لو تردت شاة في بئر وما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير