تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ماتت، وأنت لا تستطيع أن تذبحها فماذا تفعل؟ (لو طعنت في فخذها أجزأك) الآن نحن لا نبحث المسألة الفقهية والحكم والأشياء الراجحة الآن، لكن نتكلم عن القصة: (لو طعنت في فخذها أجزأك) أي: في تذكية الشيء الذي لا يُقدر على تذكيته، ذكاة غير المقدور عليه، لا يمكن أن تمسكه لتذبحه، شرد منك، فأنت تصيبه وترميه، (لو طعنت في فخذها أجزأك). فعلم الصبي ما لم يعلمه الشيخ، فالشيخ لا يفهم إلا في اللغة. وأدركنا من قرأ الحديث ستين سنة -تخصص فقط في الحديث- فدخل عليه رجل فسأله عن مسألة في الصلاة؟ فلم يدرِ ما يقول، وأدركنا من برع في علم التفسير، فقال له رجل يوماً: إني أدركت ركعة من صلاة الجمعة فأضفت إليها أخرى فماذا تقول؟ فسبه ولامه على تخلفه ولم يدر ما الجواب. وأدركنا من برع في علوم القراءات، فكان إذا سئل عن مسألة يقول: عليك بفلان، اسأل الشيخ فلان قالوا: هذه كلها محن قبيحة، فلما رأيت في الصبا -يقول ابن الجوزي - أن كل من برع من أولئك في فن ما استقصاه، وإنما عوقته فضوله -أي: إذا برع رجل في فن، ذهب يأخذ الفضول والأطراف ويترك الأشياء الأخرى، أي: انشغل عن المهم وما بلغ الغاية- رأيت أن آخذ المهم من كل علم هو المهم. هذه عبارة جامعة. فإن من أقبح الأشياء أن يطلب المحدث علو الإسناد، وحسن التصانيف، فيقرأ المصنفات الكبار، ويطلب الأسانيد العوالي، ويكتب فيذهب العُمر ويرجع كما كان ليس عنده إلا أجزاء مصححة لا يعلم ما فيها، وقد سهر وتعب. وإذا سألته عن علمه؟ قال متندراً بحال هؤلاء:

علمي يا خليلي في سفط في كراريس جياد أحكمت

وبخط أي خط أي خط

وإذا سألته عن مشكلٍ حك لحييه جميعاً وامتخط

عدم الجمع بين كتابين في فن واحد في وقت واحد:

ومن الإرشادات أيضاً لطالب العلم في قضية الفنون، ألا يجمع بين كتابين في فن واحد في وقت واحد، مثلاً: لو أنك تدرس الفقه لا تدرس منار السبيل و زاد المستقنع في نفس الوقت مثلاً، لأنه يسبب التداخل في المعلومات، وصعوبة الحفظ، وصعوبة العزو في المستقبل. وقد حدثني بعض طلاب العلم الكبار الذين تناقشت معهم في قضايا هذا البحث، قال: أنا الآن جاء عليّ فترة كنت أحفظ البيقونية ونظم النخبة -نظم نخبة الفكر للصنعاني - و الألفية -هذه كلها موضوعة في المصطلح- في وقت واحد، يقول: وأنا الآن إذا جاءتني مسألة في المصطلح، وأريد أن آتي بالشاهد، لا أدري أذهب إلى هذا أو إلى هذا، ثم إني إذا أتيت بشيء قد أحتار في أي مكان هذا؟ أهو في هذه المنظومة، أو في هذه أو في هذه. فإذاً: ينبغي ألاّ يقرأ أكثر من كتاب في فن واحد وفي وقت واحد.

عدم التحضير من عدة كتب لكتاب واحد يدرسه:

وكذلك من الإرشادات على الطالب إذا بدأ يدرس كتاباً ألا يحضر من عدة كتب، المبتدئ إذا أراد أن يدرس كتاباً في فن، لا يحضر من عدة كتب، حتى لا يُضيع نفسه، بل يحفظ المتن، وشرح الشيخ الذي يدرس عليه المتن إن كان الشيخ متقناً، وإذا ما وجدت شيخاً متقناً، تأخذ شرحاً للمختصر تضبط المتن والشرح، وتحصل على خير عظيم، وإذا أشكل عليك إشكال؛ فارجع إلى المطولات لتجد الأشياء المشكلة فقط، ولا يكون ديدناً لك. وعدم التوسع في البداية يساعد على ضبط المعلومات، وكثيراً من الطلاب إذا جاءوا يحضرون موضوعاً حضره من عدة كتب، فيحدث له تشتت. والضياع والتشتت في أنواع العلوم مما يحذر منه أيضاً، قال أبو حيان النحوي المشهور: أما صاحب تناتيف، وينظر في علوم كثيرة، فهذا لا يمكن أن يبلغ الإمامة في شيء منها، وقد قال العقلاء: ازدحام العلوم مضلة للفهوم. ولذلك تجد من بلغ الإمامة من المتقدمين في علمٍ من العلوم لا يكاد ينسب إلى غيره، فيقال: فلان النحوي، عنده أساسيات في غيره، لكن برع في هذا، فلان المحدث، فلان الفقيه، لو تسأل مثلاً: في أي شيء برع ابن قدامة؟ مثلاً: في الفقه، وغيره برع في الحديث .. وهكذا. فبعض الذين يريدون أن يهجموا على الفنون دفعة واحدة وهو لا يتقن أساسيات كل فن، وإنما يهجم عليها دفعة واحدة ويقول: أحضر التفسير من خمسة مراجع، وأحضر الفقه من سبعة مراجع، هذا إنسان مسكين؛ لأن الأمور ستضطرب عنده، وتختلط عليه. وإرشاد آخر أيضاً: يستحسن أن يكون هناك مرجع معين في الموضوع المعين عندك محتفظ به دائماً تعلق عليه وتزيد عليه، فمثلاً: لو قلت في الفقه: أختار منار السبيل وشرحه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير