ومنها: أن يشهد نعمة الله في التكفير بذلك من خطاياه فإنه ما أصاب المؤمن هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه، فذلك في الحقيقة دواء يستخرج به منه داء الخطايا والذنوب ومن رضي أن يلقى الله بأدوائه كلها وأسقامه ولم يداوه في الدنيا بدواء يوجب له الشفاء: فهو مغبون سفيه
فأذى الخلق لك كالدواء الكريه من الطبيب المشفق عليك فلا تنظر إلى مرارة الدواء وكراهته ومن كان على يديه وانظر إلى شفقة الطبيب الذي ركبه لك وبعثه إليك على يدي من نفعك بمضرته.
ومنها: أن يشهد كون تلك البلية أهون وأسهل من غيرها فإنه ما من محنة إلا وفوقها ما هو أقوى منها وأمر، فإن لم يكن فوقها محنة في البدن والمال فلينظر إلى سلامة دينه وإسلامه وتوحيده وأن كل مصيبة دون مصيبة الدين فهينة وأنها في الحقيقة نعمة والمصيبة الحقيقية مصيبة الدين.
ومنها: توفية أجرها وثوابها يوم الفقر والفاقة وفي بعض الآثار: أنه يتمنى أناس يوم القيامة لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء.
هذا وإن العبد ليشتد فرحه يوم القيامة بما له قبل الناس من الحقوق في المال والنفس والعرض فالعاقل يعد هذا ذخرا ليوم الفقر والفاقة ولا يبطله بالانتقام الذي لا يجدي عليه شيئا.
فصل المشهد العاشر: مشهد الأسوة
وهو مشهد شريف لطيف جدا فإن العاقل اللبيب يرضى أن يكون له أسوة برسل الله وأنبيائه وأوليائه وخاصته من خلقه فإنهم أشد الخلق امتحانا بالناس وأذى الناس إليهم أسرع من السيل في الحدور ويكفي تدبر قصص الأنبياء عليهم السلام مع أممهم وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم وأذى أعدائه له بما لم يؤذه من قبله
وقد قال له ورقة بن نوفل: لتكذبن ولتخرجن ولتؤذين وقال له: ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وهذا مستمر في ورثته كما كان في مورثهم صلى الله عليه وسلم.
أفلا يرضى العبد أن يكون له أسوة بخيار خلق الله وخواص عباده: الأمثل فالأمثل ومن أحب معرفة ذلك فليقف على محن العلماء وأذى الجهال لهم وقد صنف في ذلك ابن عبدالبر كتابا سماه محن العلماء.
فصل المشهد الحادي عشر: مشهد التوحيد
وهو أجل المشاهد وأرفعها، فإذا امتلأ قلبه بمحبة الله والإخلاص له ومعاملته وإيثار مرضاته والتقرب إليه وقرة العين به والإنس به واطمأن إليه وسكن إليه واشتاق إلى لقائه واتخذه وليا دون من سواه بحيث فوض إليه أموره كلها ورضي به وبأقضيته وفنى بحبه وخوفه ورجائه وذكره والتوكل عليه عن كل ما سواه: فإنه لا يبقى في قلبه متسع لشهود أذى الناس له ألبتة، فضلا عن أن يشتغل قلبه وفكره وسره بتطلب الانتقام والمقابلة
فهذا لا يكون إلا من قلب ليس فيه ما يغنيه عن ذلك ويعوضه منه، فهو قلب جائع غير شبعان فإذا رأى أي طعام رآه هفت إليه نوازعه وانبعثت إليه دواعيه
وأما من امتلأ قلبه بأعلى الأغذية وأشرفها: فإنه لا يلتفت إلى ما دونها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.) انتهى
الله أكبر!!
ـ[صخر]ــــــــ[30 - 08 - 07, 01:11 ص]ـ
أكرمك الكريم اختي أم عبد الرحمان الإماراتية
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[30 - 08 - 07, 07:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
يا أبا البركات إني لأخاف أن يكون الداخل للغرفة دخل بـ "ماس" وفعل ما فعل وتعتقد أنه أنا! فإني لم أدخل البالتوك منذ زمن كما تعلم، وإنما قلت هذا لقولك: "شخص تعرفه" أي يعرفه قارئ كلامك من الإخوة الأعضاء، وأنا ممن يعرفه الأعضاء، والسبب الثاني أني لم أعد أجدك في الهوتميل.
وأرجوا أن تجيبني على سؤالي، وإن كان القائل غير من يدخل بـ "ماس" فأرجوا أن أعرفه وأن أعرف ما قال، على الخاص بإذن الله.
وأسأل الله أن يثلج صدرك بكلام أخ تحبه في الله ويحبك كما أحرق ذلك الأخ هداه الله صدرك، فأبشر، والأيام دول.
وأقول لك: لا يسلم أحد من أدى الناس إلا بعزلتهم، والعزلة علة كما تعلم، ولكن المشكلة أن يتأدى المرئ من إخوته من خلال شبكة الأنترنيت:)
وقد تأديت بكلام أخ في الملتقى هداه الله، فقد قال لي كلام لعلي أخبرك به على الخاص لكي نواسي بعضنا:)
¥