[شهر الجوائز]
ـ[حسام الدين الطبجي]ــــــــ[08 - 09 - 07, 12:06 ص]ـ
[شهر الجوائز]
بعد أيام قلائل سيهل علينا شهر كريم مفضال، إنه شهر رمضان، شهر البركات، شهر تكفير الذنوب والسيئات، شهر الصيام والقرآن، شهر الجود والإحسان، شهر العتق من النيران، شهر الجوائز العظام، فكم فيه من الجوائز وكم فيه من الهبات وكم فيه من النفحات وكم فيه من الرحمات؟!.
روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث محمد بن مسلمة الأنصاري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:"إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا"
وفي رواية للطبراني في معجمه الكبير أيضا وحسنها الألباني في السلسلة الصحيحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال: ((افعلوا الخير دهرَكم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده)) وهذا الشهر، رمضان الخير من أعظم هذه النفحات.
ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بمقدمه فيقول لهم: (أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل) رواه الطبراني وغيره، ورواته ثقات من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
وفي حديث آخر يبشرهم أيضا بقدوم هذا الشهر ويعلمهم بما يطرأ على الكون كله من احتفال واحتفاء به فيقول (أتاكم شهر رمضان؛ شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)، رواه أحمد و البيهقي و النسائي.
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله عن هذه البشريات: "وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟! ومن أين يشبه هذا الزمان زمان؟! ".
رمضان أقبل قم بنا يا صاح…هذا أوان تبتل وصلاح
الكون معطار بطيب قدومه…روح ريحان ونفح أقاحي
صفو أتيح فخذ لنفسك قسطها…فالصفو ليس على المدى بمتاح
واغنم ثواب صيامه وقيامه…تسعد بخير دائم وفلاح
ولا أستطيع أن أحسبه لك في مثل هذه الدقائق المعدودات،كل ما فيه من الجوائز ولكن خذ هذا المقدار على عجل، يبشرنا به حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وآله وسلم:
فمن جوائزه أن أبواب الرحمة تفتح فيه فلا تغلق طوال الشهر: ففي صحيح مسلم: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة)، وفي رواية الترمذي: (إذا كان أول ليلة من رمضان غلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل! ويا باغي الشر أقصر!).
فأبشروا معاشر المؤمنين المخبتين، فهذه أبواب الجنة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت، ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نفحت, وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة، وأقدام إبليس وذريته من أجلكم موثقة. في هذا الشهر يفك الله من أسره إبليس فيا له من شهر رحمة تصفو فيه نفوس من داخلها، وتقترب فيه قلوب من خالفها، وتكثر فيه دواعي الخير وأسبابه.
ومن جوائزه ما فيه من الأجور العظام: في الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي)
فكل عمل صالح يضاعف من عشر إلى سبعمائة إلا الصوم قال الله تعالى: (فإنه لي وأنا أجزي به) فثوابه لا يقف عند هذا الحد فثوابه أعظم من أن يخطر في البال أو يدور في الخيال.
أتعرف لم؟ لأنه سر بين العبد وربه، من يمنعك إذا خلوت بريبة في ظلام الليل، أو في قعر بيتك في النهارحيث لا يراك أحد، من يمنعك أن تعصي ربك، فتأكل طعاماً، أو تشرب شراباً؟ من يمنعك؟ إنه خوفك من الله جل وعلا إنه صبرك على طاعة الله وقد قال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ} [الزمر:10].
¥