تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[هل سمعت بقصة الشيخ الأزهري مع المومس؟]]

ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[13 - 09 - 07, 04:21 ص]ـ

تنبه: عُدل عنوان المشاركة من [الشيخ والمومس]

## المشرف ##

هل سمعت بقصة الشيخ الأزهري مع المومس؟

لا ..............

إذا هاكم القصة كما نقلها الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته عن الأستاذ أحمد الزيات رحمه الله، قال الشيخ علي الطنطاوي: ((كان هذا الشيخ مدرسا، لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرّس فيه (قبل أن تدخل عليه تاء التأنيث فيصير جامعة)، والبيت القريب منه الذي يسكنه، والطريق بينهما. فلما طالت عليه المدة، وعلت به السن، واعتلت منه الصحة احتاج إلى الراحة، فألزمه الطبيب بها، وأشار عليه أن يبتعد عن جو العمل وعن مكانه، وأن ينشد الهدوء في البساتين والرياض وعلى شط النيل.

فخرج يوما فاستوقف عربة، ولم تكن يومئذ السيارات، وقال لصاحبها: خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه وأستريح. وكان صاحب العربة خبيثا، فأخذه إلى طرف الأزبكية حيث كانت بيوت المومسات وقال: هنا، فقال الشيخ: يا ولدي، لقد قرب المغرب فأين أصلي؟ خذني أولاً إلى المسجد فقال السائق: هذا هو المسجد. وكان الباب مفتوحا وصاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها، فلما رآها غض بصره عنها، ورأى كرسياً فقعد عليه ينتظر الأذان وهي تنظر إليه، لا تدري ما أدخله عليها وليس من رواد منزلها، ولا تجرؤ أن تسأله، منعتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات، وهو يسبح وينظر في ساعته، حتى سمع أذان المغرب من بعيد فقال لها: أين المؤذن؟ لماذا لايؤذن وقد دخل الوقت؟ هل أنت ابنته؟

فسكتت، فانتظر قليلاً ثم قال: يا بنتي المغرب غريب لا يجوز تأخيره، وما أرى أحداً هنا، فإن كنت متوضئة فصلي ورائي تكن جماعة. وأذّن، وأراد أن يقيم وهو لا يلتفت إليها، فلما لم يحس منها حركة قال: مالك؟ ألست على وضوء؟

فاستيقظ إيمانها دفعة واحدة، ونسيت ما هي فيه، وعادت إلى أيامها الخوالي، أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة بعيدة عن الإثم، وراحت تبكي وتنشج، ثم ألقت بنفسها على قدميه، فدهش ولم يدر كيف يواسيها وهو لا يريد أن ينظر إليها أو يمسها.

ثم قصت عليه قصتها، ورأى من ندمها وصحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها، فقال: اسمعي يا ابنتي ما يقوله رب العالمين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} جميعاً يابنتي جميعاً، إن باب التوبة مفتوح لكل عاص، وهو واسع يدخلون منه فيتسع لهم مهما ثقل حملهم من الآثام، حتى الكفر، فمن كفر بعد إيمانه ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار وكان صادقا في توبته وجدد إسلامه فإن الله يقبله، الله يابنتي أكرم الأكرمين فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده ويلجأ إليه معتمداً عليه؟ قومي اغتسلي والبسي الثوب الساتر، اغسلي جلدك بالماء وقلبك بالتوبة والندم، وأقبلي على الله. وأنا منتظرك هنا، لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب.

ففعلت ما قال، وخرجت إليه بثوب جديد وقلب جديد، ووقفت خلفه وصلت صلاة ذاقت حلاوتها، ونقت الصلاة قلبها. فلما انقضت الصلاة قال لها: هلمي اذهبي معي، وحاولي أن تقطعي كل رابطة تربطك بهذا المكان ومن فيه، وأن تمحي من ذاكرتك كل أثر لهذه المدة التي قضيتها فيه، وداومي على استغفار الله، والإكثار من الصالحات، فليس الزنا بأكبر من الكفر، وهند التي كانت كافرة وكانت عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحاولت أن تأكل كبد عمه حمزة رضي الله عنه، صارت من الصالحات المؤمنات وصرنا نقول: رضي الله عنها.

ثم أخذها إلى دار فيه نسوة ديّنات، ثم زوجها ببعض من رضي الزواج بها من صالحي المسلمين وأوصاه بها خيرا)) 1/ 252 ط المنارة بعناية مجاهد ديرانية.

قلت: انظر رحمك الله تعالى إلى حال هذه المرأة، كيف كان، وكيف تغير، لم تكن سوى كلمات بسيطة جدا من شيخ عجوز غيرت حياتها رأسا على عقب، وليت شعري ما أكثر الناس الذين يشبهون هذه المرأة، أناس غارقون في الأوحال، تراكم غبار الذنوب على قلوبهم فأذهب نورها، فإذا الحق باطل، والباطل حق، كم هم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم، ويزيل الغبار عن قلوبهم، هم ليسوا بحاجة إلى فلسفات تربوية معقدة، أو نظريات في فن التعامل أو الإقناع، أو عبارات فصيحة متكلفة، بقدر حاجتهم إلى من يشفق عليهم، ويتفهم حالهم، ويتمنى لهم الهداية، فتخرج الكلمات من قلبه، لا يبتغي بها إلا وجه ربه، عندها سيظهر ذلك النور الذي طالما حجبته تلك الذنوب، وتعود النفوس إلى فطرتها منسجمة مع الكون ونواميس الحياة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير