تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الخاسرون في رمضان]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[09 - 10 - 07, 12:32 م]ـ

[الخاسرون في رمضان]

الحمد لله على ما يسر من مواسم الخيرات، وأفاض فيها على عباده من النعمات، ومكنهم بفضله من تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] رواه البخاري ومسلم.

وَقَالَ: [مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] رواه البخاري ومسلم.

ما أعظم البشارة! وما أسهل العمل المطلوب لها! وهل في المسلمين أحد عاقل لا يهمه أن يغفر له ما تقدم من ذنبه أو لا يغفر؟!

لقد فزع كثير من المسلمين لصيام رمضان المبارك وقيامه، وقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ ابتغاء ذلك الأجر العظيم، والخير العميم، فامتلأت المساجد بالمصلين، وضجت بأصوات التالين، وجعل الناس يهنئ بعضهم بعضًا بإدراك هذا الشهر الكريم .. ولكن هل هذا هو كل ما في رمضان، أم هناك أشياء أخرى غير هذا؟!

أما من ضيع رمضان وأهمله وقصر فيما شرع له، فأولئك هم الخاسرون، ولكن كيف بمن تحرى الخير في رمضان فأحيا ليله بالقيام، وعمر نهاره بالصيام، وجعل يتلو القرآن آناء الليل، وأطراف النهار، ابتغاء ذلك الوعد النبوي الصادق، والله لا يخلف الميعاد؟ هل فيهم خاسر أيضًا؟! أيخسر منهم أحد وقد كان منه مثل ما ذكرنا؟

نعم فيهم خاسرون كثير .. استفادوا من رمضان قليلاً، وخسروا فيه كثيرًا .. {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ [2] عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ [3] تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [4]} [سورة الغاشية].

فمع عملها وتعبها هي في النار، فأي خسارة أعظم من تلك الخسارة.

غدًا توفى النفوس ما عملت ويحصد الزارعون ما زرعوا

إن أحسنوا أحسنو لأنفسهم وإن أساءوا فبئسما صنعوا

لقد صح عن رسول الله أنه صَعِد المنبر فقال: [آمِينَ آمِينَ آمِينَ] قيل: يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت: آمِينَ آمِينَ آمِينَ قال: [إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ قُلْ آمين فَقُلْتُ آمِينَ وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ قُلْ آمين فَقُلْتُ آمِينَ وَمَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ قُلْ آمين فَقُلْتُ آمِينَ] رواه ابن حبان في صحيحه.

فمن هؤلاء الخاسرون الذين يدعو عليهم رسول الله وجبريل عليهما الصلاة والسلام، فيكون شهر رمضان نقمة عليهم، وسببًا لحرمانهم الثواب، ودخولهم النار؟

إن هذا الصنف من الناس هم أهل القلوب القاسية، الذين لا يزيدهم رمضان من الله إلا بعدًا، ولا تزيدهم بشائر الرحمن إلا صدًا، {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [41]} [سورة المائدة].

إنهم الذين إذا أدركوا رمضان، بادروا ببعض الأعمال، ولكنها لا تتغير منهم الأحوال، فيصبح الواحد منهم في شوال كما كان في شعبان، فحق عليه ذاك الدعاء العظيم بدخول الناس إذا أدرك رمضان فلم يغفر له.

إن هذا الصنف هو الذي بينه رسول الله حين قال: [الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ] رواه مسلم.

فمن اجتنب الكبائر، وسلم من الموبقات، فانحسر عنها، وقسر نفسه على الابتعاد منها، فسيكون رمضان مكفرًا لما سواها من الذنوب، والصلوات الخمس والجُمَع، وسيكون هذا الصنف - امرأة كان أم رجلاً - ممن أدرك رمضان فغفر له، فدخل الجنة بإذن الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير