تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأهواؤهم: هي ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون به ويودون أن لو بذلوا عظيماً ليحصل ذلك) ().

وقال تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} [آل عمران/105] فنهى سبحانه عن مشابهة اليهود والنصارى الذين تفرقوا واختلفوا فصاروا أحزاباً وشيعاً فجنس مخالفتهم وترك مشابهتهم أمر مشروع، (وكلما بعد الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها وهذه مصلحة جليلة) ().

والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقد جاءت السنة مقررة لما في القرآن:

فمن ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) ().

قال شيخ الإسلام: (وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم) ().

ومن ذلك أيضاً حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فمن) ()؟

ونحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارس والروم؟ فقال: (ومن الناس إلا أولئك) ().

قال ابن بطال: (أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء كما وقع للأمم قبلهم وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس) ().

وقال شيخ الإسلام: (وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمات.

فعلم أن مشابهتها اليهود والنصارى وفارس والروم مما ذمه الله ورسوله وهو المطلوب ().

[2] وأما القسم الثاني، وهو النهي عن مشابهتهم في أمور مخصوصة، فقد تواترت الأدلة على معناه وهو الأمر بمخالفتهم ومن ذلك:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) ().

وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى) ().

وحديث شداد بن أوس رضي الله عنه: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم) ().

[3] وأما القسم الثالث وهو ما ورد في النهي عن التشبه بهم في أعيادهم فسأنقل هنا خلاصة ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث عقد فصلاً في كتابه الماتع "اقتضاء الصراط المستقيم" قال فيه: [إذا تقرر هذا الأصل في مشابهتهم فنقول: موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من طريقين:

الطريق الأول: العام: هو ما تقدم، من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كان موافقتهم في ذلك أمراً اتفاقياً ليس مأخوذاً عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما؟

ومن جهة أنه من البدع المحدثة، وهذه الطريق لا ريب أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروهاً وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقاً.

وكذلك قوله: (خالفوا المشركين) ونحو ذلك ومثل ما ذكرنا من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل.

وأما الطريق الثاني الخاص في نفس أعياد الكفار: فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار.

أما الكتاب: فمما تأوله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً} [الفرقان/72] فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: {والذين لا يشهدون الزور} قال: (هو الشعانين) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير