تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال الوالي: احيطوا بالمبنى فلا يدخل ولا يخرج منه احد وعندما دخل المبنى طلب ان يأخذوه الى مكتب المدير العام، ولم يجده في مكتبه ولكن وكيل الادارة استقبله وراح يتدحرج امامه فصادف رجلا طويل القامة عرف بنفسه انه مدير ادارة الخشب فشاهد غرفة المدير، وسكرتير الادارة، والمكتب الفني، وغرفة خبير الاخشاب الى اخره .. الى اخره .. فدخل الوالي احد المكاتب فشاهد خلية نحل مكاتب .. ومكاتب .. ومكاتب .. مكاتب موظفين يقرأون الجرائد وانسات يقرأن المجلات الملونة ويثرثرن وفراشين ذاهبين بالقهوة والشاي والساندويشات واخرين عائدين بالصواني الفارغات، فشاهد الوالي اكواماً من الاوراق عليها اوراق ودفاتر وسجلات فتناول ورقة وقرأ عليها: كتاب من ادارة الحديد الى ادارة الخشب، واخر من ادارة الخشب الى ادارة الحديد فوجد ان مضمون الكتاب بشأن طلب الافادة بتخانة خشب غطاء الزير للاسترشاد به في تحديد تخانة حديد حمالة الزير. وهنا وصل الوزير فقال له الوالي اين المدير العام؟ فقال انه في .. (بودابيست) قال الوالي كيف عرفت بهذه السرعة؟! فسارع احد الواقفين وقال ان المدير العام ابن شقيقة اخت الوزير وصهره. فقال الوزير والله يا سيدنا ما عينته الا لأنه المتخصص الوحيد في هذا المجال (يعني من اصحاب الكفاءات العالية) واخذ الوالي ينتقل من مكتب لمكتب ومن غرفة لغرفة ومن طابق لآخر يتفرج ويتعجب وقال للوزير - الزير؟ أين الزير؟ فقال الوزير انه في قاعته الخاصة يا سيدنا في الدور الارضي، وحاول احد ازلام الوزير ان يسبق الوالي الذي لاحظ ذلك، فناداه لا تسبقنا لا داعي لذلك، ففي الدور السفلي دخلوا قاعة واسعة متربة يغطي الغبار كل ما فيها لها باب يفتح على الطريق من الناحية الخلفية من المبنى، وعلى الباب جلس موظف ينطق مظهره بالتعاسة امامه اربع مجموعات من الاستمارات بيضاء وحمراء وصفراء وزرقاء، والى جانبه سجل ضخم مفتوح و الموظف يتحدث مع صاحبه قال الوالي، هذه قاعة الزير؟ فقال مدير الشؤون العامة نعم إننا ننشىء الآن قاعة اخرى، قال الوالي: والزير: أين الزير؟ فنظر مدير الشؤون العامة ووكيل الادارة احدهما للآخر ثم الى الوزير، ثم قالا لا ندري كان ينبغي ان يكون هنا فقال الموظف الجالس الى جانب الباب ارسل الزير الى الورشة الاميرية يا سيدنا. قال الوالي منذ متى؟ منذ اربعة اشهر او خمسة كان الماء يتسرب منه وجاءت لجنة من الخبراء فقررت نقله الى الورش الاميرية لاصلاحه فضرب الوالي كفا بكف، اذن هذا كله ولا زير؟! فقال مدير الشؤون العامة الزير موجود فقط في الاصلاح. فنظر الوالي فوجد رجلا مسكينا هزيلا ينهض على كرسي غير بعيد من موضع الزير، فقال الوالي صابراً؟! نعم يا سيدنا انا صابر لقد كذبوا عليك يا سيدنا، الزير ليس هنا منذ سنتين، فقال الوالي وانت مالك شاحب الوجه ضعيفا كما ارى، قال صابر اني لا اتقاضى مرتباً منذ سنتين ونصف يا سيدنا انني اموت جوعا. فقال الوالي سبحان الله سبحان الله الوحيد الذي له عمل لا يتقاضى راتبا، وكل هذه الزنابير تتقاضى مرتبات فالتفت الوالي الى وكيل الادارة العامة فقال لماذا هذا لا يتقاضى راتبا، فقال ان له اشكالا اداريا ماليا، انه ليس معه مؤهل علمي لذلك لا نستطيع اعطاءه راتبا، فسار الوالي خطوات حتى جلس مهدود الجسم من هول الواقع الذي صدمه قال يا صابر تعود الى قصرنا كما كنت لتتولى امر الزير وهذه عشرة دنانير لشراء الزير ووضعه تحت ظل شجرة ليشرب الناس منه الماء. ثم اصدر الوالي حكمه على الوزير بأن يدفع رواتب الموظفين الذين عينهم من ماله الخاص، واذا نفذ ماله فمن مال زوجته واولاده واقاربه الذين اكلوا المال العام سحتا في بطونهم. رحم الله الدكتور حسين مؤنس فقد اجاد في تصور الادارة الفاسدة وما تحمله الدولة من اعباء مالية ولعل الفاسدين يأخذون عبرة من ذلك ويعودون الى رشدهم انه الادب الرفيع الذي يخدم الشعب.

ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 - 10 - 07, 11:10 م]ـ

ورحمنا الله تعالى، قكم نقاسي من القائمين على الأزيار، وكلنا (صابر)!

ـ[الاء الجميلي]ــــــــ[25 - 10 - 07, 11:30 م]ـ

جزاكم الله خيرا ..

نسأل الله ان لا يكون منتدانا كالزير وان يظل عامراً بهمة الاخوات في طلب العلم ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير