[أين مثلك اليوم يا عمر (بن عبد العزيز)؟]
ـ[محمود المصري]ــــــــ[23 - 10 - 07, 02:44 ص]ـ
[من مختصر تاريخ دمشق]:
1) عن عطاء، قال: دخلت على فاطمة بنت عبد الملك بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، فقلت لها: يا بنت عبد الملك، أخبريني عن أمير المؤمنين. قالت: أفعل، ولو كان حيّاً ما فعلت.
إن عمر رحمه الله كان قد فرغ نفسه وبدنه للنّاس، كان يقعد لهم يومه، فإن أمسى وعليه بقيّة من حوائج يومه وصله بليلته، إلى أن أمسى مساءً وقد فرغ من حوائج يومه، فدعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله، ثم قام فصلّى ركعتين، ثم أقعى واضعاً رأسه على يده تسايل دموعه على خدّه، يشهق الشّهقة فأقول: قد خرجت نفسه، أو تصدّعت كبده؛ فلم يزل كذلك ليلته حتى برق له الصّبح، ثم أصبح صائماً. قالت: فدنوت منه فقلت: يا أمير المؤمنين، لشيء ما كان قبل اللّيلة مل كان منك؟ قال: أجل، فدعيني وشأني، وعليك بشأنك. قالت: قلت له: إني أرجو أن أتّعظ. قال: إذن أخبرك. قال: إني نظرت إليّ فوجدتني قد وليت هذه الأمّة صغيرها وكبيرها، وأسودها وأحمرها، ثم ذكرت الغريب الضّائع، والفقير المحتاج، والأسير المفقود، وأشباههم، في أقاصي البلاد و أطراف الأرض فعلمت أن الله سائلي عنهم، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم حجيجي فيهم، فخفت أن لا يثبت لي عند الله عذر ولا يقوم لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّة، فخفت على نفسي خوفاً دمع له عيني، ووجل له قلبي؛ فأنا كلّما ازددت لهذا ذكراً ازددت منه وجلاً، وقد أخبرتك فاتّعظي الآن أو دعي.
2) وعن السّريّ بن يحيى: أن عمر بن عبد العزيز حمد الله، ثم خنقته العبرة، ثم قال: أيّها النّاس؛ أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم، وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم؛ والله إن عبداً ليس بينه وبين آدم أب إلاّ قد مات إنه لمعرق له في الموت.
3) قال عمر بن عبد العزيز: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّوم، فقال لي: ادن يا عمر ثم قال لي: ادن يا عمر ثم قال لي ادن يا عمر حتى كدت أن أصيبه، ثم قال لي: يا عمر، إذا وليت فاعمل في ولايتك نحواً من عمل هذين وإذا كهلان قد اكتنفاه، قلت: من هذان؟ قال: هذا أبو بكر وهذا عمر.
4) قال مالك بن دينار: يقولون: مالك زاهد؛ أيّ زهد عند مالك وله جبّة وكساء؟! إنّما الزّاهد عمر بن عبد العزيز، أتته الدّنيا فاغرة فاها فتركها.
5) عن عمر بن أسيد بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب، قال: إنّما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفاً، ثلاثين شهراً، لا والله ما مات عمر حتى جعل الرّجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون للفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجده، فيرجع بماله؛ قد أغنى عمر بن عبد العزيز النّاس.
6) وعن رباح بن عبيدة، قال: أخرج مسك من الخزائن، فوضع بين يدي عمر بن عبد العزيز، فأمسك أنفه مخافة أن يجد ريحه. قال: فقال له: رجل من أصحابه: يا أمير المؤمنين، ما ضرّك إن وجدت ريحه؟ قال: وهل ينتفع من هذا إلا بريحه؟
7) عن رجل من الأنصار، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو بالعراق: أن أخرج للنّاس أعطيتاهم. فكتب إليه عبد الحميد: إني قد أخرجت للنّاس أعطيتاهم وقد بقي في بيت المال مال. قال: فكتب إليه: انظر كلّ من أدان من غير سفه ولا سرف فاقض عنه. فكتب إليه: إني قد قضيت عنهم وبقي في بيت مال المسلمين مال. قال: فكتب إليه: أن انظر كلّ بكر ليس له مال، فشاء أن تزوّجه فزوّجه واصدق عنه. فكتب إليه: إني قد زوّجت كلّ من وجدت، وقد بقي في بيت مال المسلمين مال. فكتب إليه بعد مخرج هذا: أن انظر من كانت عليه جزية، فضعف عن أرضه فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه، فإنّا لا نريدهم لعام ولا لعامين.
8) عن ضمرة، قال: قال عمر بن عبد العزيز لبعض ولد الحسين بن عليّ بن أبي طالب: لا تقف على بابي ساعةً واحدةً إلاّ ساعةً تعلم أني جالس فيؤذن لك عليّ من ساعتك، فإني أستحي من الله أن يقف على بابي رجل من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يؤذن له عليّ من ساعته.
9) حدّث جسر القصّاب، قال: كنت أجلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز، فمررت براع وفي غنمه نحوّ من ثلاثين ذ ئبا، فحسبتها كلاباً، ولم أكن رأيت ذئاب قبل ذ لك، فقلت: يا راعي، ما ترجو بهذه الكلاب كلّها، فقال: يا بنيّ إنّها ليست كلاباً، إنّما هذه ذئاب! فقلت: سبحان الله، ذئب في غنم لا يضرّها! فقال: يابنيّ إذا صلح الرّأس فليس على الجسد بأس. وكان ذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز.
10) وعن موسى بن أعين الرّاعي وكان يرعى الغنم لمحمد بن أبي عيينة: قال: كانت الغنم والأسد والوحش ترعى في خلافة عمر بن عبد العزيز في موضع واحد، فعرض لشاة منها ذئب. قال: فقلت: إناّ لله، ما أرى الرّجل الصّالح إلاّ وقد هلك. قال: فحسبنا فوجدناه قد هلك في تلك اللّيلة.
11) عن ميمون بن مهران: أن عمر بن عبد العزيز أتي بسلق وأقراص، فأكل ثم أضطجع على فراشه وغطّى وجهه بطرف ردائه وجعل يبكي ويقول: عبد بطيء بطين، يتباطأ ويتمنّى على الله منازل الصّالحين
12) عن المغيرة بن حكيم، قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: يا مغيرة، إنه يكون في النّاس من هو أكثر صلاةً وصياماً من عمر، وما رأيت أحداً قطّ أشدّ فرقاً من ربّه من عمر؛ كان إذا صلّى العشاء قعد في مسجده ثم رفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه فلا يزال رافعاً يديه يبكي تغلبه عينه.
13) قال عليّ بن زيد: ما رأيت رجلين كأن النّار لم تخلق إلاّ لهما مثل الحسن وعمر بن عبد العزيز.
اللهم أصلحنا وأصلح ائمتنا وولاة أمورنا
¥