[مقالات الشيخ صلاح الدين بن عبد الموجود]
ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[02 - 11 - 07, 04:36 م]ـ
الحياة الحقيقة في طاعة الله
أخي الحبيب: إن الأجل قريب وهو مستور عنك وهو في يد غيرك يسوقه حثيث الليل والنهار وإذا انتهت المدة حيل بينك وبين العدة فاحتل قبل المنتهى وأكرم أجلك بحسن العمل وإذا أنستك السلامة فاستوحش بالعطب فإنه الغاية وإذا بسطك الأمل فاقبض نفسك عنه بذكر الأجل فهو الموعود وإليه المورد.
واعلم أخي الحبيب أن من علامات التوفيق دخول أعمال البر عليك من غير قصد لها وصرف المعاصي عنك مع السعي إليها وفتح باب اللجؤ والافتقار إلى الله تعالى في كل الأحوال واتباع السيئة بالحسنة وعظم الذنب في قلبك وإن كان من صغار الذنوب والإكثار من ذكر الله وشكره وحمده واستغفاره، ومن علامات الخذلان تعثر الطاعات عليك مع السعي فيها ودخول المعاصي عليك مع قربك منها وغلق باب الالتجاء إلى الله وترك التضرع له وترك الدعاء واتباع الحسنة بالسيئات واحتقارك لذنوبك وعدم الاهتمام بها وإهمال التوبة منها والاستغفار ونسيانك لربك.
قال رجل لطاووس: أوصني قال أوصيك أن تحب الله حباً حتى لا يكون شىء أحب إليك منه، وأرج الله رجاء يحول بينك وبين ذلك الخوف، وارض للناس ما ترضى لنفسك. بالحب والذل تتم العبادة فاجمع في قلبك محبة الله مع تمام الذل والخضوع له واعلم أن الخلق منذ خلقوا ما زالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار. والعاقل يعلم أن السفر مبنى على المشقة وركوب الأخطار ومن المحال أن يطلب فيها نعيماً ولذة وراحة بال إنما ذلك بعد انتهاء السفر ومن المعلوم أن المسافر عند كل وطأة قدم أو أنة من أنات السفر لابد أن يكون مستشعراً أنه مسافر من تهيئة الزاد الموصل. وإذا نام أو استراح فهو على قدم الاستعداد لمواصلة السير.
قوم همومهم بالله قد علقت ... فما لهم همم تسموا إلى أحد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم ... يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف ... من المطاعم واللذات والولد
ولا للبس نفيس فائق أنق ... ولا لروح مسرور حل في بلد
إلا مسارعة في نيل منزلة ... يحظى بها مخلص للواحد الأحد
أيها الحبيب إن الله عرف أولياؤه غوائل الدنيا وآفاتها وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها. وزنوا بحسناتها سيئاتها فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها لا يخلوا صفوها من كدر.
قال تعالى: " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهارا فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " يونس: 24
وقال تعالى: " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. الحديد: 20
وروى الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلاً من بعض العالية والناس كنفيه وفى رواية كنفتيه فمر بجدى أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم فقالوا ما نحب أن هذا لنا بشىء وما نصنع به؟
قال أتحبون أنه لكم قال لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك فكيف وهو ميتاً. فقال والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.
فالدنيا لا تدوم لأحد إن أسعدت يوما أشقت أياما لا يدوم لها حال
يا راقد الليل مسروراً بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
أفنى القرون التى كانت منعمةً ... كر الجديدين إقبالا وإدباراً
كم قد أبادت صروف الدهر من ... ملك قد كان نفاعاً وضراراً
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ... يمسى ويصبح فى دنياه سفارا
هلا تركت من الدنيا معانقة حت ... ى تعانق فى الفردوس أبكارا
إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها ... فينبغى لك ألا تأمن النار
[من كتاب "الكنز المفقود" للشيخ]
ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[02 - 11 - 07, 04:45 م]ـ
منهج أهل السنة والجماعة
¥