تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (أولياء الله المقربون قسمان:

ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالإجتهاد في نوافل الطاعات، والإنكاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: {لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه} فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده).

والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة.

السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، بالسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.

قال رسول الله: {إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه} [صحيح ابن ماجه للألباني] وقال الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].

وقال رسول الله: {قد سبق المفردون} قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: {الذاكرون الله كثيراً والذاكرات} [مسلم].

وقال يبين خسارة من لا يذكر الله: {ما يقعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب} [صححه أحمد شاكر في تخريجه للمسند]. ويقول: {ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا من مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة} [صحيح سنن أبي داود للألباني].

لذلك لما جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع فقال: {لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله} [صحيح سنن ابن ماجه للألباني].

وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم تلك الوصية وفقهوا معناها الثمين حتى إن أبا الدرداء قيل له: (إن رجلاً أعتق مائة نسمة. قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله عز وجل) [أحمد في الزهد].

وكان يقول: (الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك).

السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.

يقول ابن القيم في شرح هذه العبارة: (إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن).

وقال رحمه الله: (إيثار رضى الله عز وجل على غيره، وهو يريد أن يفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلق، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وأعلاها لأولى العزم منهم، وأعلاها لنبينا محمد).

وذا كله لا يكون إلا لثلاثة:

1 ـ قهر هوى النفس.

2 ـ مخالفة هوى النفس.

3 ـ مجاهدة الشيطان وأوليائه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهي النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على أتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملاً صالحاً) [10/ 635 مجموع الفتاوى].

السبب الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله بأسمائه وأفعاله، أحبه لا محالة.

قال ابن القيم رحمه الله: (لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالماً بالله وبالطريق الموصل إلى الله، وبآفاتها وقواطعها، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة. فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعالة، ثم صدق الله في معاملته، ثم أخلص له في قصده ونيته).

فمن جحد الصفات فقد هدم أساس الإسلام والإيمان وأتلف شجرة الإحسان فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.

ومن أول الصفات فكأنما يتهم البيان النبوي للرسالة بالتقصير إذ لا يمكن أن يترك النبي أهم أبواب الإيمان بحاجه إلى إيضاح وإفصاح من غيره لإظهار المراد المقصود الذى لم تبينه العبادات في النصوص.

وثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: {إن لله تسعاً وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة}.

السبب السادس: مشاهدة بره وإحسانه، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير