تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمتصفح لعناوين الكتاب وأوراقه الذهبية يلاحظ شيئاً عجيباً، يجد أن كلماته وظفت بطريقة عجيبة لتعرض لقضايا أو أمور حياتية تمس ضمير وواقع الأمة، حلوه ومره، وكأن «العريفي» يقرأ الواقع عبر سطور وكلماته السلسة ليأخذ القارئ بعيداً ويجذبه قريباً يتلاعب به ما بين الأرض والثريا، يمشي به في هالة من النور ثم يتركه في ظلمة السطور، محاولا اجبار القارئ على المتابعة المستمرة ومن دون وعي متصفحاً لأوراق الكتاب من أولها لآخرها مهما استغرق ذلك من وقت أو جهد وهذه هي الحرفية والذكاء في شد القارئ وجذبه والتلاعب بخياله والتحكم في مشاعره وتوظيفها التوظيف الجيد، فنجده قد اختار عناوين:

(اظهار الاهتمام بالناس يجذب قلوبهم اليك ـ اني أحبك في الله ـ أرسل النصيحة بطريقة غير مباشرة ـ فن الاستماع ـ من الحوار وغيرها الكثير من العناوين البراقة والموضوعات الشيقة التي تجنح بخيال القارئ والملاحظ في كل العناوين المختارة أنها تعرض لعبارات القصد من ورائها اظهار الحياة السعيدة بشكل أكثر بهجة واريحية بعيداً عن الملل الزائد والتعقيد الذي لا يجني صاحبه من ورائه غير النكد وعدم الارتياح والشعور الزائد بالمتاعب الذي قد يأخذ بصاحبه الى الانتحار أحياناً كما تكلم المؤلف عن الاتصال الذي جاءه يوماً ما من أحد الشباب يسأله عن الموقف الشرعي للانتحار معللاً بأن الحياة لا تستحق المعيشة وأن الحياة قد أصبحت رتيبة فلا فائدة من معيشتها ولكن المؤلف الدارس والقارئ للحياة وفنونها استطاع أن يقنع المتصل بأن الحياة جميلة مادامت في طاعة وأن هناك مجالات كثيرة يستحق المرء أن يعيش من اجلها وأن تكون الحياة بمثابة دار سعادة بدلاً من أن تكون دار شقاء، وهذه الموهبة قد اكتسبها الدكتور العريفي من واقع تجاربه الحياتية ونزوله الى الجماهير في دروسه وفي حياته اليومية والتي جعلته قارئا جيدا لواقع وآلام الأمة، واقتراض الحلول للمشكلات بأبسط الطرق وتقديم الوصفات والعلاجات المجانية لطالبي النصح والارشاد مستمداً العلاج من الشرع الحكيم.

ونجده أيضاً في موقف آخر يتناول لأحد الموضوعات ويقتلها بحثاً في سطور معدودات ورد تحت عنوان (اختر الكلام المناسب). فاذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له، فالأحاديث مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ) وهذا شيء طيب يجعل الجميع يحسنوا الاستماع الى لغة العقل والواقع بكلمات رقيقة هي حكمة المؤلف في التعرض للمواقف، وفي نهاية الصفحات والسطور يختم فقراته بمقولة هي بمثابة ومضة خفيفة وخفية في ظلمات الضمير مثلاً تجده تحت عنوان (اتفاق) يقول: نحن نتعامل مع القلوب لا مع الأبدان، ضوابط وآداب التعامل مع المخالفين في الرأي والعقيدة والدعوة الى الله بالحسنى في اعتدال بلا افراط أو تفريط وورد تحت عنوان (100 طريقة لكسب قلوب الناس)، فقد ذيل عنوانه والصفحات المنطوية تحته بفكرة (لاتحسب الناس نوعاً واحداً فلهم طبائع ليست تحصيهن ألوان) داعياً الى تقبل الاختلاف مع الآخر والناظر في موضوعات وعناوين وفقرات الكتاب ومن خلال المسميات (مراعاة النفسيات ـ شعرة معاوية ـ اهتم بالآخرين ـ لاتتدخل فيما يعنيك ـ امسك العصا من النصف ـ الرأي الآخر ـ قابل الاساءة بالاحسان ـ اعترف بخطئك لا تكابر ـ جلد الذات) وغيرها من العناوين يلاحظ المتصفح للكتاب بأنه وسط أوراق مجلة تربوية اجتماعية ومداعية نفسية، وارساء مضامين تربوية في نفسه، لتكون كلماته بمثابة مفتاح اشعال للطاقة الخيرية الكامنة في نفوس القراء واطلاقها الي رحاب أوسع من الخيرية والاصلاح، وأخيراً جاءت عناوين الكتاب للناظر اليها، كلقطات تربوية توعوية وومضات معرفية براقة تأخذ الجميع في أسلوب شيق ومتناغم بعيداً عن الصدام، باعتبارها فرصة للجلوس الواقعي محاولاً استحضار القدوة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته مروراً بسلف هذه الأمة.

وورقات الكتاب دعوة للاصلاح والنظر الى الحياة بمنظور أوسع بدلاً من النظر من ثقب الباب فهو دعوة للدخول من الباب نفسه الى مساحة أكبر ورحاب أوسع، والمؤلف يعزف على وتر المشاعر وبتناغم يمس الواقع ويقرأ المستقبل، كما ورد تحت عنوان صغير عش حياتك (لاتنقب عن المشكلات، ولا تدقق في صغائر الأمور، وانما استمتع بحياتك.

اللغة

والملاحظ في لغة الكتاب والذي جاء عنوانه (استمتع بحياتك) أن لغته هي وقفات واقعية وجرعات تربوية توقظ الهمم، وتحرك الماء الراكد في برك العقول والافهام، فلا تثير الزوابع والأعاصير، ولكن تحرك الحس بطيف رقيق ناعم سلس ينبعث من نسمات عبارات وألفاظ وجمل وتعبيرات بليغة، وظفها المؤلف بلا تعقيد، جاءت بلغة محببة ومشوقة للقارئ، فلم تكن فوق طور ثقافتهم، بل نزل العريفي بجمله وألفاظه وخاطب بها المثقف وغيره، وهذه هي طبيعة المصلحين، يتواجهون بكلماتهم على حيث وجدت السقم كالأطباء الذين يمدون أيديهم لعلاج مرضاهم. لم تأت ألفاظه معقدة بل جاءت سلسة سهلة بعيداً عن التكلف والتعقيد.

تاريخ النشر: الخميس 8/ 11/2007

- - - اخيرا - - -

د. محمد بن عبدالرحمن العريفي

ص. ب (151597) الرياض (11775)

[email protected]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير