تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

؟، و العجيب أنه عاود البحث مرة أخرى كأني به في وله المشتاق و لوعة المعذب يعود إلى الناس دلوني على أعلم أهل الأرض فلما لقي العالم و فتح له باب الرحمة و المغفرة فلا تسل عن عظيم فرحه و بالغ سروره كيف لا و قد أعطاه فسحة الأمل؟ فها هو يتخذ القرار و ينطلق دون أن يتردد أو يشاور ها هو يحث الخطى إلى سيده و مولاه لطالما تاقت نفسه إلى ساعة الوصال كأني به يحدث نفسه و هو يحث السير: غداً التحق بركب الصالحين فأعبد الله معهم غداً أكون مع المصلين الساجدين مع الذاكرين المستغفرين، و يقدر الله أن يدركه الموت و هو على هذه الحال فيزحف بصدره شوقاً إلى بلاد المستقيمين فشرّفه الله بهذه الخاتمة بل أصبحت قصته عبرة تروى وموعظة تحيى بها القلوب.

ماذا لو تأخر قليلاً كيف ستكون ميتته؟ كيف ستكون خاتمته؟ كيف سيكون مصيره في قبره و يوم حشره؟

فهل تتخذ أخي القرار و تعلن الاستقامة على أمر الله دون تردد لتظفر بحسن الخاتمة رزقني الله و إياك حسن الختام.

ثانياً: لقد تاب الله على الكفل

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد مقعد الرجل من امرأته أرعدت فبكت فقال: ما يبكيك أكرهت؟ قالت: لا و لكن هذا عمل لم أعمله قط و إنما حملني عليه الحاجة قال فتفعلين هذا و لم تفعليه قط قال: ثم نزل فقال: اذهبي و الدنانير لك قال: ثم قال و الله لا يعصي الكفل ربه أبدا فمات من ليلته و أصبح مكتوبا على بابه قد غفر للكفل) رواه الحاكم و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي

ماذا لو تأخر قليلاً؟ ماذا لو لم يتب في تلك الليلة؟ ماذا لو واقع تلك المرأة و قد قعد منها مقعد الرجل من امرأته؟ ماذا لو هجم عليه هاذم اللذات و هو سادر في غفلته منغمس في شهوته؟ كيف ستكون خاتمته؟

فهل نبادر إخوة الإيمان بالتوبة إلى الله قبل أن يوافينا الأجل؟ هل نستغل فرصة الحياة قبل أن تتصرم و نحن في لهو و غفلة < o:p>

فبادر إذاً ما دام في العمر فسحة ... و عدلك مقبول و صرفك قيم

و جد و سارع و اغتنم زمن الصبا ... ففي زمن الإمكان تسعى و تغنم

و سر مسرعاً فالسير خلفك مسرعٌ ... و هيهات ما منه مفر و مهزم

فهن المنايا أي واد نزلته ... عليها القدوم أم عليك ستقدم

ثالثاً: واسوأتا إن ردَّني خائبا

كان بالمدينة امرأة متعبدة، ولها ولد يلهو، وهو مُلهي أهل المدينة. وكانت تعِظُه، وتقول: يا بني! اذكر مصارع الغافلين قبلك، وعواقب البطالين قبلك، اذكر نزول الموت.

فيقول إذا ألحت عليه: < o:p>

كفي عن التعذال واللوم واستيقظي من سنة النوم

إني وإن تابعت في لذتي قلبي وعاصيتك في لومي

أرجو من إفضاله توبة تنقلني من قوم إلى قوم < o:p>

فلم يزل كذلك حتى قدم أبو عامر البناني واعظ أهل الحجاز، ووافق قدومه رمضان، فسأله إخوانه أن يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابهم.

وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء التراويح، واجتمع الناس، وجاء الفتى فجلس مع القوم، فلم يزل أبو عامر يَعِظ وينذر ويبشر، إلى أن ماتت القلوب فرقا، واشتاقت النفوس إلى الجنة، فوقعت الموعظة في قلب الغلام فتغير لونه. ثم نهض إلى أمه، فبكى عندها طويلا، ثم قال: < o:p>

زَمَمْتُ للتوبة أجمالي ... ورحت قد طاوعت عذالي

وأُبْتُ والتوبة قد فتحت ... من كل عضو لي أقفالي

لما حدا الحادي بقلبي إلى ... طاعة ربي فك أغلالي

أجبته لبيك من موقظ ... نبَّه بالتذكار إغفالي < o:p>

يا أمَّ هل يقبلني سيِّدي على الذي قد كان من حالي؟ < o:p>

واسوأتا إن ردَّني خائبا ربي ولم يرض بإقبالي < o:p>

ثم شمر في العبادة وجد، فقربت إليه أمه ليلة إفطاره، فامتنع وقال: أجد ألم الحمى، فأظن أن الأجل قد أزف. ثم فزع إلى محرابه، ولسانه لا يفتر من الذكر. فبقي أربعة أيام على تلك الحال. ثم استقبل القبلة يوما، وقال: إلهي عصيتك قويا، وأطعتك ضعيفا، وأسخطتك جلدا، وخدمتك نحيفا، فليت شعري هل قبلتني؟ ثم سقط مغشيا عليه، فانشج وجهه. فقامت إليه أمه، فقالت: يا ثمرة فؤادي، وقرة عيني، رد جوابي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير