فأفاق فقال: يا أماه! هذا اليوم الذي كنب تحذريني، وهذا الوقت الذي كنت تخوفيني، فيا أسفي على الأيام الخوالي، يا أماه! إني - خائف على نفسي أن يطول في النار حبسي؛ بالله عليك يا أماه، قومي فضعي رجلك على خدّي، حتى أذوق طعم الذل لعله يرحمني، ففعلت، وهو يقول: هذا جزاء من أساء، ثم مات رحمه الله.
قالت أمه: فرأيته في المنام ليلة الجمعة، وكأنه القمر، فقلت: يا ولدي! ما فعل الله بك؟ فقال: خيرا، رفع درجتي. كتاب التوابين 255.
إخوة الإيمان ماذا لو تأخر قليلاً؟ ماذا لو لم يستجب لوعظ الواعظ و تذكير المذكر؟ ماذا لو لم يبادر باتخاذ القرار و يعلن التوبة إلى الله عز وجل؟ كيف ستكون خاتمته؟
أخي الحبيب كم سمعنا من المواعظ فما اتعظنا و كم سمعنا من التذكير فما تذكرنا فإلى متى اللهو و الغفلة؟
أخي جرب أن تسمع موعظة مؤثرة اقرأ كتيباً أو اسمع شريطاً عل قلبك يرق و عينك تدمع استمع مثلاً شريط الأماني و المنون للشيخ الدويش. أخي قف مع نفسك وقفة حازمه و حاسب نفسك و اتخذ القرار الشجاع قار الرجعة و التوبة و الإنابة و إياك ثم إياك ثم إياك من التسويف.
ربعاً: تاركٌ للصلاة يموت ساجداً
إنا قصة شاب غافل لاهي ابتعد عن الله كل البعد هجر الصلاة و ترك الصيام تزوج بامرأة صالحة فلم يغير ذلك في حياته العابثة شيئاً و في ليلة من ليالي رمضان كان على أحد الشواطئ انطلق صوت أحد الشباب بأذان المغرب يختلط مع صوت الأمواج الهادئة هناك حيث كان مجموعة من الشباب يناولون الإفطار وإذا بأحدهم يقدم لصاحبنا تمرة، فقال له: شكرا، ولكني لست بصائم.
قال له صاحبه: ما عليك!، مجرد مشاركة معنا .. أقيمت الصلاة فدخل معهم في الصلاة لأول مرة- منذ أن تركها- قبل فترة طويلة- وبعد الصلاة قام أحد الشباب بإلقاء خاطرة إيمانية دخلت كل كلمة فيها إلى أعماق قلبه، وبعد الإفطار استأذن من صاحبه ليعود إلى البيت، كان يفكر في هذا الجمع الطيب، وتلك الكلمات التي لم يسمع مثلها من قبل، أو ربما سمع مثلها كثيرا، ولكن لأول مرة يسمعها بقلب متفتح، فكان يحاسب نفسه أثناء قيادته سيارته إلى متى أظل على هذا الطريق؟
أما آن الأوان للاستقامة؟ ما المانع من ذلك؟
وصل إلى البيت مبكرا على غير عادته، تعجبت زوجته من قدومه المبكر، وعندما سألته قص عليها ما جرى لي.
وفرحت زوجته، واستبشرت بقدوم أيام الفرح، بعد أن أحال أيامها كلها منذ أن تزوجته حزنا يولد حزنا، بسبب ما يقترف من المعاصي وما يعاملها بها من القسوة.
صحا من النوم الساعة الثانية قبل الفجر بمدة طويلة، توضأ وأخذ يصلي مناجيا ربه، ويستغفر عن الأيام الخالية، يطيل في السجود والقيام حتى أذن الفجر.
استيقظت زوجته، فرأته ساجدا، فرحت كثيرا بهذا التغيير، واقتربت منه منتظرة انتهاءه من الصلاة، ولكنه لم يقم من سجدته، فوضعت يدها عليه مخاطبة: "بو فلان شفيك "؟
ولكنه بدل أن يجيبها سقط على جبنه، لقد وافته المنية وهو ساجد يناجي ربه.
ماذا لو تأخر قليلاً؟ ماذا لو لم يصلي مع أولئك الشباب؟ ماذا لو لم يحاسب نفسه و يبادر بإعلان التوبة؟ كيف ستكون خاتمته؟
أخي الشاب أختي الشابة لنتذكر أن الله كريم جواد تواب رحيم بر رحيم يفرح بتوبة التائبين (يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) يقول جل و علا: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء) رواه لترمذي و صححه الألباني
فهل نبادر بالتوبة و نتقرب إلى الله ليتقرب إلينا سبحانه بفيض بره و جميل إحسانه و عظيم نواله عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا
وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.
خامساً: الكويفيرة و العروسة
بدأت الكويفيرة بعد صلاة المغرب مباشرة في تجهيز العروسة و وضعت أنواع المكياج على وجهها و في غمرة انشغلها بتجهيز العروسة إذ بصوت مؤذن العشاء يرفع طلبت العروسة من الكويفيرة التوقف لتقوم بالوضوء و صلاة العشاء فردت عليها: لا يمكن ذلك. قالت لها و لماذا؟ فأجابت: كل العمل الذي قمت به خلال ساعة سيفسد. فقالت لها: لابد أن أصلي فقالت الكويفيرة صلي بعد الحفلة و بين الأخذ و الرد وفق الله العروسة لتثبت على رأيها رغم معرضة بعض من حولها فتوضأت و صلت العشاء و عادة إلى الكويفيرة لتبدأ التجهيز من جديد و هي في قمة الغضب و بعد ساعات قلائل كانت المفاجأة لقد تم زفاف العروسة و لكن لم يكن زفافها إلى زوجها المرتقب و بل زفت إلى قبرها لقد قبضت روحها و هي في كامل زينتها و فستان عرسها و صدق من قال: < o:p>
تزود من التقوى فإنك لا تدري ... إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى و أصبح ضاحكا ... و قد نسجت أكفانه و هو لا يدري
و كم من صغار يرجى طول عمرهم ... و قد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
و كم من عروس زينوها لزوجها ... و قد قبضت أرواحهم ليلة القدر
و كم من صحيح مات من غير علة ... و كم من سقيم عاش حين من الدهر < o:p>
ماذا أخي الشاب أختي الشابة لو تأخرت قليلاً؟ ماذا لو أطاعت الكويفيرة فأخرت الصلاة؟ كيف ستكون خاتمتها؟
هذه القصة و سابقتها رسالة إلى كل مفرط في الصلاة و مضيع لها أن يتدارك ما بقي من عمره و يديم الصلة بالله و يتوب عن ما سلف من التقصير.
أخي الحبيب البدار البدار و الفرار الفرار قبل أن تعض أصابع الندم و تطلب المهلة و تمنى الرجعة و لكن بعد فوات الأوان {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {100} سورة المؤمنون.
أسأل الله الرحيم الرحمن أن يفتح لنا أبواب رحمته و يرزقنا التوبة النصوح يحسن لنا الختام. < o:p>