تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما بين أن الكسوف والخسوف يعلمان بالحساب، نفى أن يعلم الهلال بذلك على الإطلاق، بل في حالة واحدة، فقال: (وأما الإهلال فلا له عندهم من جهة الحساب ضبط؛ لأنه لا يضبط بحساب يعرف، كما يعرف وقت الكسوف والخسوف، فإن الشمس لا تكسف في سنة الله التي جعلا لها إلا عند الاستسرار إذا وقع القمر بينهما وبين أبصار الناس على محاذاة مضبوطة، وكذلك (9) القمر لا يخسف إلا في ليالي الإبدار على محاذاة مضبوطة، لتحول الأرض بينه وبين الشمس، فمعرفة الكسوف والخسوف لمن صح حسابه مثل معرفة كل أحد أن ليلة الحادي والثلاثين من الشهر لا بد أن يطلع الهلال، وإنما يقع الشك ليلة الثلاثين، فنقول: الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلاً أن القرصين اجتمعا في الساعة الفلانية، وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقهما القمر إما بعشر درجات مثلاً، أو أقل، أو أكثر، والدرجة هي جزء من ثلاثمائة وستين جزءاً من الفلك، أما كونه يُرى، أو لا يُرى فهذا أمر حسي طبيعي، ليس هو أمراً حسابياً رياضياً، وإنما غايته أن يقول: استقرأنا أنه إذا كان على كذا وكذا درجة يرى قطعاً، أو يرى قطعاً، فهذا جهل وغلط، فإن هذا لا يجري على قانون واحد، لا يزيد ولا ينقص، في النفي والإثبات، بل إذا كان بعده مثلاً عشرين درجة فهذا يرى ما لم يحل حائل، وإذا كان على درجة واحدة فهذا لا يرى).< o:p>

وما أحال إليه شيخ الإسلام من أمر الخسوف والكسوف علم لا كهانة، قال رحمه الله: (الخسوف والكسوف لهما أوقات مقدرة، كما (10) لطلوع الهلال وقت مقدر، وذلك ما أجرى الله عادته بالليل والنهار والشتاء والصيف، وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر، وذلك من آيات الله تعالى كما قال تعالى: {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب وما خلق الله ذلك إلا بالحق} وقال تعالى: {والشمس والقمر بحسبان} وقال تعالى: {فالق الإصباح جعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم} وقال تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} وقال تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم} وقال تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم ملمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} وكما أن العادة التي أجراها الله تعالى أن الهلال لا يستهل إلا ليلة ثلاثين من الشهر أو ليلة إحدى وثلاثين، وأن الشهر لا يكون إلا ثلاثين، أو تسعة وعشرين، فمن ظن أن الشهر يكون أكثر من ذلك أو أقل فهو غالط، فكذلك أجرى الله العادة أن الشمس لا تكسف إلا وقت الاستسرار، وأن القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار (11) ووقت إبداره هو الليالي البيض التي يستحب صيام أيامها، ليلة الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فالقمر لا يخسف إلا في هذه الليالي، والهلال يستسر آخر الشهر، إما ليلة، وإما ليلتين كما يستسر ليلة تشع وعشرين وثلاثين، والشمس لا تكسف إلا وقت استسراره، وللشمس والقمر ليالي معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف، كما أن من علم كم مضى من الشهر يعلم أن الهلال يطلع في الليلة الفلانية أو التي قبلها، لكن العلم بالعادة في الهلال علم عام يشترك فيه جميع الناس، وأما العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانهما، وليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه فيها أعظم من صدقه).< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير