o كانت الأمة مجمعة على الرؤية البصرية لما يقرب من 14 قرنا وكان الخلاف بينها لا يتجاوز وحدة مطالع واختلاف مطالع وعدد شهود. أما اليوم فقد اختلفت الأمة على الحساب خلافا لم تختلفه من قبل فأصبحت شيعا وأحزابا لا يقبل بعضها قول بعض.
o إننا لم نحقق الوحدة المنشودة من الحساب الفلكي بل إن الحساب الفلكي زادنا تفرقا حتى أصبح لكل فلكي رأي في المسألة ولكل فقيه رأي ايضا. والحساب الفلكي يجعل من بعضنا يصوم اليوم والبعض يصوم بعده بيومين كما أن الحساب الفلكي أيضا يجعلنا نفرط أحيانا بيومين من شهر رمضان المبارك ونضطر للدخول في يوم أو أكثر من شهر شوال
o الحساب لن يخرج الأمة من مشكل إثبات الهلال والفوضى التي أصبحت مخجلة بل مذهلة حيث يبلغ الفرق كما حصل في بعض الأعوام ثلاثة أيام.
o هدف الحديث "صوموا لرؤيته ـ أي الهلال ـ وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له" هو أن يصوموا رمضان كله، ولا يضيعوا يومًا منه, لن يتحقق كما بينا سابقا.
o السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم، أمرٌ مطلوب دائما، ولكن الحسابات الفلكية لن تحقق الوحدتين الكلية والجزئية.
o الحساب الفلكي سوف يجعل فريقا من الناس يصوم اليوم على أنه من رمضان، ويفطر آخرون.
o الأخذ في النفي لا في الإثبات، يوقع الأمة في حرج كبير ولا يمكن أن يحل المشكل.
oلم يستطع الحساب الفلكي أن يخرج وسيلة واحدة أكمل من الرؤية البصرية وإنما خرج بعدة وسائل كل وسيلة تؤدي إلى مقصد مختلف. ثم إن الاختلاف المتباين بين الفقهاء والفلكيين حول الحساب الفلكي لأوضح دليل على اضطراب الحساب وعدم قدرته على أن يكون بديلا للرؤية البصرية. إنني أرغب إلى فضيلة الشيخ القرضاوي لما له من كلمة مسموعة في بقاع العالم الإسلامي أن يراجع هذه القضية ونحن كما عهدناه أوابا إلى الحق فكم من فتوى وقول كان يقول به وعدل عنه لما رأى الصواب في غيره وهذه صفة لا يهبها الله سبحانه وتعالى إلا لمن اصطفاهم من عباده.
ولي عتب شديد على الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان والذي له عندنا مكانة عظيمة لما علمناه لديه من علم واسع واطلاع جم وخلق رفيع وتواضع غير متكلف, عندما التقته جريدة الوطن السعودية في عددها 1594 فقال إن "توفر وسائل التقنية الفلكية بين يدينا ثم إعراضنا عنها يدل على تخلفنا الفكري والعقلي" وأتعجب, كما تعجب, غيري كيف تصدر هذه الجملة من أصولي كبير درج على احترام النصوص النبوية واحترام قول المخالف؟. وأقول له حرسه الله, لو أن الله سبحانه وتعالى سأل الذي يقول بالرؤية البصرية لم أخذت بها فقال يارب تعبدتك بما فعله نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم- غير متكلف للبحث عن علة وحساب فلكي أسوة بنبيك الذي أرسلت, أحسب أنه من المعذورين أمام الله سبحانه وتعالى. فهل يجوز لنا أن نصم جماعة من علماء الشريعة وعلماء الفلك بالتخلف الفكري والعقلي لأنهم لم يأخذوا بالحساب الفلكي؟.
وهنا سؤال أطرحه على العلماء والمجامع الفقهية وهو هل يجوز للفقيه أن يجتهد بعقل أو علم غيره؟. ومما لا يخفى على أحد أن للمجتهد شروطا لا يوجد منها أنه يجوز له أن يجتهد بعقل أو علم غيره.
وأعيد السؤال حتى يكون واضحا, هل يجوز للعالم أن يستعين بعالم فيزيائي ثم يجتهد برأي ذلك العالم الفيزيائي ويصدر حكما شرعيا على ذلك الأمر الذي لم يستوعبه ولم يتصوره تصورا كاملا وصحيحا ولا يستطيع أن يدركه بالحس والتجربة وإنما يدرك بالعلم الفيزيائي وخير مثال على هذا الحساب الفلكي. أما الذي يمكن إدراكه بالحس والتجربة مثل مواقيت الصلاة واتجاه القبلة فنستثنيه من السؤال.
أحسب أن مناقشة هذا الأمر يجب أن تسبق مناقشة الحساب الفلكي وغيره من القضايا المتعلقة بالعلم المادي وإلا سوف تكون الأحكام مضطربة. وكان أحرى بأن ينتظر علماؤنا حتى يجمع الفلكيون على رأي واحد, في الأقل, من قبل الخروج على الأمة بحكم شرعي.
¥