تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا كانت الأمية بمعناها العام لاترتفع عن نبي يوحى إليه من ربه الهدى والحكمة والعلم فما الذي يرفعها إذن؟. وكيف لاترتفع الأمية عن سيد الأولين والأخرين –صلى الله عليه وسلم- والذي أختصه الله بالرسالة الخالدة من بين بلايين البشر من عرب وعجم وأنبياء ورسل. وخلاصة القول أن الأمية بمفهومها العام إرتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إرتفاعا لم ترتفعه عن أحد من قبله ولا بعده ذلك أنه أعلم الناس بالله وملائكته وكتابه كما أن علمه بالله وملائكته وكتابه علم يقيني لايخالطه شك أو ريب فكيف يصبح أميا بعد ذلك.

ومما يدلل على أن ألأمية في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال أنه استغنى عن الكتابة والقراءة بالوحي الذي يوحيه إليه ربه وإنما يحتاج إلى القراءة والكتابة من لايوحى إليه فكم كشف الله له من الحجب التي لايمكن أن تكشف لكاتب أوقارئ ومنها ماكشفه سبحانه وتعالى له في الأسراء والمعراج ومنها عندما ضرب على الصخرة فقال الله أكبرفتحت فارس، والذي نفسي بيده، إني لأرى قصور المدائن الحمراء الساعة. الله أكبر فتحت الروم، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور بصرى البيضاء الساعة. الله أكبر فتحت اليمن، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور صنعاء الساعة. ومنها عندما بشر سراقة رضي الله عنه بسواري كسرى وكيف يحتاج إلى الكتابة من سمع حنين الجذع ومن أشتكى له الجمل وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره. ومن كانت هذه صفاته فهو مستغن عن الكتابة والكتابة غير مستغنية عنه كما أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد أستغنى بالقرآن عن الشعر ذلك أن الكامل مستغن عن الناقص. وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة" فيه دلالة واضحة على أن أعلى درجات الشعر الحكمة كما أن أعلى درجات البيان السحر. كما أن الحكمة الموجودة في القرآن وسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حكمة بالغة غير ناقصة والحكمة الموجودة في الشعر حكمة ناقصة. أما كتاب الله سبحانه وتعالى فقد بلغ منزلة بهرت أساطين البلاغة من قريش وقصة الوليد بن المغيرة مشهورة عندما ذهب ليستمع إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم عاد وهو يقول "والله ما في قريش من رجل أعلم بالشعر أو رجزه أو قصيده مني، ولا والله ما يشبه الذي يقول محمد شيئاً من هذا الشعر أو ذلك الرجز والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه يحطم ما تحته فأنكر عليه أبو جهل وقال له لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، ففكر طويلا فقال هذا سحر يؤثر"

ومما يروى عن المأمون أنه قال لرجل عنده "بلغني أنك أُمِّيّ، وأنك لا تقيم الشِّعر، وأنك تَلحن في كلامك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، أمّا الَّلحن فربما سَبَقني لساني بالشيء منه، وأما الأمِّيَّة وكَسْر الشعر فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أًمّياً وكان لا يُنشد الشعر؟ قال المأمون: سألتُك عن ثلاثة عيوب فيك فزدْتني عَيباً رابعاً، وهو الجهل، ياجاهل، إنّ ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة، وفيك وفي أمثالك نَقيصة، وإنما مُنع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لنَفْي الظِّنَّة عنه، لا لِعَيب في الشِّعر والكتاب، وقد قال تبارك وتعالى: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذَا لارْتَابَ اْلمُبْطِلُونَ ".

والذي يفهم من قوله تعالى "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" أي ماينبغي لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- النقص وإنما ينبغي له الكمال ذلك أن الكمال في الوحي بشقيه من قرآن وسنة والنقص في الشعر في أعلى درجات حكمته وصدقه. ومما لايخفى على أهل اللغة والأدب أن الشعر يدخله الباطل بل إن غالبه كذلك ويدخله التناقض والاضطراب والكذب وتحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق ولا أجد أبلغ من قول دعبل في وصف الشاعر عندما قال "من فضل الله على الشاعر أنه مامن أحد يكذب إلا إجتواه الناس إلا الشاعر فإنه كلما إزداد كذبه كلما ازداد المديح له ولا يكتفى له بذلك حتى يقال أحسنت والله فما يشهد له بشهادة زور إلا وكان معها يمين بالله" ويشهد الله لو كان هذا الموقف مع غير القرآن والسنة لانتصرت للشعر ولكني لا أستطيع الانتصار لقول مخلوق ضعيف معظمه كذب وتزويرعلى قول خالق قوله حق مبين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير