تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أطفالنا و ذبح الأضاحي!]

ـ[إبراهيم اليحيى]ــــــــ[12 - 12 - 07, 10:58 ص]ـ

أطفالنا و ذبح الأضاحي

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على نبينا محمد خاتم المرسلين، أما بعد:

" تقديم "

فلعله من المناسب و نحن في غرة ذي الحجة أن يكون من أحاديث المجالس حديث عن أطفالنا و الأضاحي، عسى أن ينفع و يفيد.

أقول: من المعلوم أن معاملة الأطفال أمر في غاية الحساسية من جانب، و في غاية الأهمية من جانب آخر؛ فأسلوب التدرج أسلوب أتت به الشريعة، كما هو التدرج في بعض الأحكام من الأوامر و النواهي، فهناك التدرج في التعامل مع الآخرين و بالأخص شريحة الأطفال.

و لعله بالمثال يتضح المراد، الطفل الرضيع يشرب حليب الأم أفضل و أنفع و أصلح و إن لم يكن حليب الأم فحليب الرضع، و لا تجد مولودا يشرب حليب من عمره سنة مثلا، بل حليب رضع ثم يتدرج في الحليب ثم يبدأ بما يناسبه من الأكل فيترقى إلى أن يأتي طعام الكبار فيأكل ما يناسبه و هكذا.

و كذلك ما يشاهده الطفل في حياته اليومية و تتلقفه مسامعه هو عبارة عن مخزون معلوماتي، ففي الدراسة مثلا تختلف كتب و متطلبات الطفل في ثالث ابتدائي عنها في الروضة و التمهيدي.

خذ مثلا التلفاز و مشاهدة الطفل للأفلام الكرتونية و غيرها؛ فهناك أفلام لا تناسب المعتقد، و هناك أفلام لا تناسب الأخلاق، كما أن هناك أفلاما لا تناسب حالة الطفل النفسية.

" النص "

أطفالنا عموما، و المدللين و المترفين و الغارقين في الحضارة المدنية الحديثة على وجه الخصوص، في تصوري الشخصي لا بد من التدرج معهم في مسألة مشاهدة ذبح الأضاحي ـ تلك الشعيرة التي أنعم الله بها علينا ـ قربانا نحتسبه عند الله، نرجو مغفرته و نخشى عذابه.

ما المانع أن نقتطع من وقتنا اليومي قليلا و نشرح فيه لأطفالنا عيد الأضحى؟

و لِمَ يُضحي المسلم؟

و نجعل تلك التمشية في ذلك اليوم هي رؤية الأغنام و زيارة الجزار.

و نشرح لهم بما يناسب عقولهم و افهامهم و مستواهم الاجتماعي، قبل أن نزج بهم يوم العيد و الأسرة كلها قد تلطخت بالدماء!، أو أن يأتِ العيد و يذهب و هم عنه في غفلة.

أدعو الجميع إلى إحياء هذه الشعيرة المباركة بأي شكل من الأشكال، و جلب أطفالهم لمشاهدة المنظر؛ بل و جعلهم يشاركون في ذلك، و لعله بعد العيد يكون لدى الطفل تساؤلات مباشرة يجيب عنها المسئول بكل أريحية.

و الأمر ربما في بدايته سيواجه الطفل صعوبة و تقزز و شيء من الروعة و الخوف، إلا أن الطفل سرعان ما يندمج بشكل انسيابي مع الحال و يساعد والديه ....

سيكون العيد بالنسبة لأطفالنا شيء لا ينسى .... شيء رائع .... شيء جميل ....

و أنا لا زلت أستعجب من أولئك الذين يذبحون في المسلخ، و ينامون حتى الظهر!، و تأتيهم ضحاياهم معلبة، أتراهم لم يذوقوا لذة ما ذقناه؟ أم هو الحرمان؟!.

إنا أطفالنا اليوم بحاجة ماسة للعناية، فهل يصح أن نؤلف كتيبا صغيرا يناسب الأطفال فيه شاة مذبوحة مثلا؟! أما ترانا نربيهم على العنف! و سفك الدماء! و شتان بين ذبح البهائم و الأنعام التي أنعم الله بها علينا، و ذبح الأنفس التي حرم الله إلا بالحق.

و إننا إذ لم نوعي أطفالنا فلا نستبعد أن يجول في أذهانهم أننا سفاكون، بل و مجرمون لا رحمة عندنا!، و أشد من ذلك ربما من الغد أتى الطفل بالسكين و تل آخر للجبين و عمل معه ما شاهده في عيد الأضحى ... أرجو الانتباه ... فشجاعة البعض في جلب الأطفال إلى هذه المناظر بدون شرح و توعية؛ هو ضرب من التهور ....

إن الأطفال قبل مئة سنة هم أنفسهم الأطفال قبل ألف سنة لم يتغير في العالم شيء، لكن أطفالنا و قد تربوا اليوم مع الخدم و على البلايستيشن، و السنما، و الهام برقر، و المرح الزائد، و النعومة المفرطة، و المدنية المبالغ فيها، بحاجة لعنايتنا المدروسة.

و مع ذلك فإن أطفالنا اليوم و في الغد هم الأطفال قبل مئات السنين يحتاجون للتدريج و التدريب؛ فهم رجال المستقبل و عليهم المعول. هكذا يُصنع الجيل.

كتبته على عجل إن أصبت فالحمد لله.

1428 هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير