قال: أسألك بوجه الله، لما تصدقت عليّ، فتصدقت عليه برغيفين، فعلم
بذلك الملك، فأرسل إليها فقطع يديها .. ثم إن الملك قال لأمه: دليني
على امرأة جميلة أتزوجها؟ قالت: هاهنا امرأة ما رأيت مثلها قط، ولكن
بها عيب شديد، إنها قطعاء اليد .. فأرسل إليها، فلما نظر إليها أعجبته،
فقال: أتريدين أن أتزوجك؟ قالت: نعم .. فتزوجها، ودخل بها، فحسدها
ضرائر لها، فخرج الملك يقاتل عدوا، فكتب ضرائرها إليه أنها فاجرة
وقد ولدت غلاما، فكتب الملك إلى أمه: خذي هذا الغلام، فاحمليه على عنقها
واضربيها، واخرجيها من الدار إلى الصحراء، وبينما هي تمشي والصبي
على عنقها ن إذ مرت بنهر، فنزلت لتشرب، فبدر الصبي عن رقبتها
فوقع في الماء فغرق .. فجلست تبكي ..
وبينما هي كذلك .. مرّ بها رجلان، فقالا لها: ما يبكيك؟
قالت: ابني كان على عاتقي، فسقط في الماء فغرق ..
فقالا لها: أتحبين أن نخرجه لك؟ قالت: إي والله ..
قال: فدعوا الله عز وجل، فخرج ابنها إليها، ثم قالا: أتحبين
أن نرد يديك إليك؟
قالت: نعم، فدعوا الله، فاستوت يداها ..
فقالا لها: أتدرين من نحن؟
قالت: لا .. قالا: نحن رغيفاك اللذان تصدقت بهما!
وتذكر أخي الحبيب فضل الصدقة عندما ُتقدم شيئاً من مالك لوجه لله عزوجل
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في
ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه: إمامٌ عدْلٌ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق في المساجد،
ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني
أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا
ففاضت عيناه)) متفق عليه ([1]).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليد العليا خير من اليد
السفلى، وابدأ بمن تعول ([2])،
وخير الصدقة عن ظهر غِنًى ([3])،
ومن يستعففْ ([4]) يعِفه الله،
ومن يستغنِ يغنِه الله)) رواه البخاري واللفظ له، وروى مسلم أكثره ([5]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنفقت المرأة من
طعام بيتها غيرَ مفسدةٍ كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن ([6]) مثل ذلك،
لا ينقص بعضهم أجرَ بعض شيئا)) متفق عليه ([7]).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر
إلى المصلى، ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: ((أيها الناس، تصدقوا))، فمرَّ على
النساء فقال: ((يا معشر النساء، تصدَّقن فإني رأيتكن أكثرَ أهلِ النار))، فقلن: وبم ذلك يا رسول
الله؟ قال: ((تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للُبِّ الرجل الحازم
([8]) من إحداكن يا معشر النساء))، ثم انصرف، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود
تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب، فقال: ((أيُّ الزيانب؟)) فقيل: امرأة ابن مسعود،
قال: ((نعم ائذنوا لها))، فأذن لها قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حُليٌّ لي،
فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولدَه أحقُّ من تصدقتُ به عليهم، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: ((صدق ابن مسعود، زوجُك وولدُك أحقُّ من تصدقتِ به عليهم)) رواه البخاري واللفظ
له، وروى مسلم بعضه ([9]).
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل دينار ينفقه الرجل دينار
ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في
سبيل الله)) رواه مسلم ([10]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا
ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا)) متفق
عليه ([11]).
وعن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: ((كل امرئ في ظلِّ صدقته حتى يفصل بين الناس ـ أو قال: ـ يحكم بين
الناس)) قال يزيد: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة أو كذا. رواه
¥